الندوة من ندا، يندو ندواً، ومنها (ندوت)؛ أي: اجتمعت مع، ومنها الندِيّ، وهو الاجتماع في المجلس. ومنه جاء لفظ (الندوة)؛ أي: النادي بمعنى: المجلس والمشاورة والجماعة(1). وأطلق الاسم على دار بعينها في مكة لاجتماع قريش فيها(2)، وقيل: إن الاسم مشتق من المناداة (أي: المفاخرة)، ومنه جاء اسم (دار الندوة)؛ أي: للمفاخرة(3). إنشاء دار الندوة أنشأ دار الندوة قصي بن كلاب بن مرة بن كعب(4)، ولم يكن اسمه قصياً، بل زيداً، وسمي قصياً بعد ذلك؛ لأنه قُصّي عن قومه(5)، حيث عاش في بني عذرة على أطراف بلاد الشام بعيداً عن قومه. وسبب ذلك كما تذكر روايات الإخباريين أن أمه فاطمة بنت سعد بن سيل تزوجت ربيعة بن حرام من سادات بني عذرة بعد وفاة زوجها كلاب بن مرة والد قصي؛ فارتحلت مع زوجها ربيعة إلى بلاده، وأخذت معها قصياً لصغر سنه. وبعد ما شب قصي وكبر حدث خلافٌ بينه وبين رجلٍ من بني عذرة؛ فأنّبه، وانتقص منه؛ لأنه غريب، وليس من قومه، فرجع قصي إلى أمه، وقد وجد في نفسه مما قاله الرجل، فسألها عن ذلك، فأخبرته بقومه، فعزم على اللحاق بهم، فألحت عليه أمه ألاّ يعجل، وينتظر حتى يخرج مع الحجاج المتجهين إلى مكة، خوفًا من غائلة الطريق إن سافر منفرداً(6).
|