ترتكز جوانب التغيير في دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - على الناحية العقدية، فقد أولتها جل عنايتها واهتمامها؛ نظرا لحاجة أحوال مجتمعه، الذي اعترته صور من الشرك ومظاهر من البدعة إلى إعطاء الأولوية لتصحيح العقيدة، وإقامة العبادة على مقتضى الدليل من الكتاب والسنة، ولا ريب أن هذه الناحية استغرقت من الشيخ محمد بن عبدالوهاب حياته كلها، وجهده كله؛ لأن الانحراف العقدي كان مستفحلا في نجد وما حولها، يدل عليه قول الشيخ حسين بن غنام(1): "كان غالب الناس في زمانه - أي الشيخ - متضمخين بالأرجاس، متلطخين بوضر الأنجاس؛ حتى قد أنهكوا في الشرك بعد حلول السنة المطهرة بالأرماس، وانطفأ نور الهدى بالانطماس بذهاب ذوي البصيرة والألباب المضيئة المنيرة، وغلبة الجهل والجهال، واستعلاء ذوي الأهواء والضلال؛ حتى نهجوا في تلك الطرائق منهجا وعرا، ونبذوا كتاب الله تعالى وراءهم ظهرا، وأتوا زورا وبهتانا وهجرا، وزين لهم الشيطان أنهم ينالون بذلك أجرا، ويحوزون به عزا وفخرا.
|