عانى مجتمع شبه الجزيرة العربية لفترات زمنية طويلة ظروفًا اقتصادية وسياسية واجتماعية ومعيشية قاسية؛ نتيجة للقوى الداخلية والخارجية التي بددت قدراته، وأجبرته على العيش عصورًا من العجز والتمزق والتخلف، إذ انشغل القادة المحليون في خلافات وصراعات وحروب أهلية متواصلة عمّقت من معاناة مجتمع الجزيرة، أما القوى الخارجية فقد انزلقت في هوّة الازدراء لهذا المجتمع والاعتقاد بأنه مجتمع يرفض الاستقرار والمدنية، ويعيش فوق أرض خاوية من الخيرات. وقد ظل مجتمع الجزيرة العربية على هذه الحال حقبة طويلة من الزمن عدا فترات استقرار متقطعة وقصيرة وغير شاملة(1). وفيما يتعلق بالأوضاع السياسية في منطقة الحجاز على وجه الخصوص في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فلم يكن "بأحسن مما يجاوره من الأقاليم بحكم الارتباط وخضوع الجميع للخلافة التركية التي أطلق عليها بعض المؤرخين الرجل المريض...، وما أحسب التاريخ يخالف الصواب والواقع إذا قال عن تلك الفترة: إنها أشد فترة مرت بهذا الإقليم، من حيث العبث السياسي والتدهور الاقتصادي
|