دراسة تاريخية للبوصلة، وهدف كاتبها إلى بيان بداية ظهورها وتطورها ومخترعها وذكرها في المصادر، وقد رجع إلى كتب علوم البحار والملاحة عند العرب يضاف إلى ذلك الكتب عن البوصلة والأسطرلاب والجغرافيا، ومهّد بتناول اختراع البوصلة ودور العرب في ذلك، وقد أشار إلى أن المعلومات الواردة في المصادر الأوروبية تتباين في تأريخ ظهور البوصلة وموثوقية ما ورد فيها في هذا الصدد، ومما لا شك فيه أن البوصلة الملاحية قد تطورت عبر الزمن، وتم تطويرها الأخير على يد الملاّح العربي العماني أحمد بن ماجد في القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي بتجليسها فوق سن مدبّب في حقة فوق قرص مقسم إلى 32 خنا توضح الاتجاهات الأصلية والفرعية لدائرة القطب، وهو ما عرف "بوردة الرياح العربية"، وهو تقسيم ليلي يتفق مع مطالع نجوم معينة ومغاربها وتتحدد الجهات الأربع الأصلية فيه بالنجوم الآتية: قطب الجاه (في الشمال)، ومطلع الطائر (في الشرق)، وقطب السهيل (في الجنوب)، ومغيب الطائر (في الغرب)، ويرجح انتقال بوصلة ابن ماجد إلى أوروبا عن طريق الملاّحين الإيطاليين في أواخر القرن الخامس عشر، أو بداية القرن السادس عشر وسمّوها البوصلة = وهذه الكلمة الإيطالية تعني الحقة (الحق)، وهي ترجمة حرفية لحقة بن ماجد، كما أن تقسيم قرص البوصلة الأوروبي الحديث هو التقسيم العربي نفسه، وتوثِّق المصادر ما يفيد عزو اختراع البوصلة إلى العرب وسبقهم إلى استخدامها، واستعرض الملامح المهمّة لأدب الرحلات وللمعرفة الملاحية العربية، متطرقًا لرحلة التاجر سليمان (851م)، وكتابات أبي عبدالله محمد بن أحمد المقدسي (375هـ/ 985م)، وأخبار ربابنة الشام عام 332هـ، وكتابات ابن الفقيه الهمذاني سنة 903م، ورسائل ابن ماجد المؤلفة بين سنتي 1445-1475م، وخطط المقريزي المتوفى سنة 1442م، وانتهى إلى أن البوصلة العربية قد نشأت نشأة مستقلة في المحيط الهندي وكانت إبداعًا عربيًا خالصًا
|