تناولت الدراسة درب الحجيج من العراق إلى مكة، وغاية الكاتب وصف الطريق والخدمات التي توافرت فيه لسالكيه حتى سقوط الخلافة العباسية في بغداد، وقد رجع إلى كتب التاريخ والجغرافيا والرحلات ومعاجم البلدان التي غطت المنطقة المبحوثة، واستهل بالحديث عن الطرق التي كانت تسلكها ركبان الحج من الأمصار الإسلامية وهي طريق ركب الحاج العراقي، وطريق ركب الحاج الشامي، وطريق ركب الحاج المصري، وطريق ركب الحاج اليمني؛ وركز الكاتب على الطريق العراقي الذي كان يسلكه جميع حجاج قارة آسيا القادمين من شرقي العراق ويتجمعون في الكوفة وينطلقون منها ويدخلون شبه الجزيرة العربية باسم ركب الحاج العراقي قاصدين مكة المكرمة، وقد ذكر أن سالكيه كانوا يتجهون من مكان تجمعهم في الكوفة إلى القادسية ويقيمون فيها يومًا، ثم يتجهون إلى الغديب ما بين القادسية والغبثة، ثم يتحركون منها ويعبرون البادية متزودين بالماء، ثم يدخلون الرحبة بحذاء القادسية ويتزودون بالماء مرة أخرى ويسيرون إلى سلمى أحد جبلي طيء، وإلى الغرب منه وادي ركّ الذي يقصده الحجاج لوجود الماء فيه، ثم يرحلون إلى واقصة وهي مكان بطريق مكة بعد القرعاء وقبل العقبة وفيها آبار يتزودون منها بالماء، ثم يرحلون إلى خاديت ومنها إلى زرود وهي بداية حدود جبال الحجاز، ثم يقصدون الأجفر ثم مرشيت ويردون ماءها قبل المضي إلى تخت سلمان قرب عين صير، ثم يسيرون إلى ذات حاج ثم إلى بويرات قرب وادي القرى ويتزودون بالماء من آبارها، ثم يرتحلون إلى ذات عرق وهي الحد بين نجد وتهامة، وبين ذات عرق ووادي نخلة أربع مراحل، ويبدأ استعدادهم لدخول مكة من أعلاها من وادي نخلة الوفير المياه، كما يذكر بأنهم كانوا يقيمون غالبًا في منطقة الشعب بمكة المكرمة؛ وقد أصبح اسم طريق ركب الحاج العراقي درب زبيدة؛ كما تحدث بالتفصيل عن الخدمات فيه، فقد حفرت آبار المياه وأنشئت البرك ومحطات الاستراحة والقصور ومحطات للبريد، وقدمت السيدة زبيدة خدمات جليلة في هذا الطريق بحيث نسب إليها، وفي سنة240 هـ أمر الخيفة المتوكل بإضاءة الطريق بالشمع. وقد تردت الخدمات وتدهور وضع الأمن في الطريق من عهد الخليفة القائم بأمر الله.
|