تناول الكاتب ظاهرة الحج في شعر عسير وتهامة واليمن في غضون القرنين الثاني والثالث عشر الهجريين، وما بعدهما بقليل. وهدف إلى بيان خصائص تجربة الشعراء في معالجة الموضوع المطروح، وأغراض شعرهم، وما يعكسه من أحوال مجتمعهم. وقد وضح في البداية خضوع منطقة الدراسة لعدد من الاتجاهات الثقافية، وتوافر فيها ظروف طبعية محددة أثرت في الشعر، فمرور الحجاج بتهامة وعسير قد ساعد على إيقاظ حركة الفكر، والناظر في واقع الحج وما يحيط به من آثار محمودة يلمس الفائدة المهمة من التقاء علماء المسلمين ومفكريهم. ولقد كان أثر الحج في علماء جنوبي الجزيرة العربية واضحًا، ويمكن تتبع آثار الحج في شعر منطقة الدراسة من خلال النصوص الشعرية الموجودة التي قيلت في أغراض عديدة كالحنين والرثاء والتهنئة، ووصف الحج وشعائره من خلال الأراجيز والقصائد المطولة، بالإضافة إلى ما ناله ولاة الأمر في مكة المكرمة من مدائح الحجاج الوافدين، وما أوجده الحج من القصائد الإخوانية التي نشأت بين شعراء الحجاز وإخوانهم في جنوبي الجزيرة العربية، حيث تعدّ هذه المعاني مجتمعة أثرًا من آثار الحج في أدب اليمن وتهامة وعسير. وقد أشار الكاتب إلى شعر الحنين الذي أنشأه الشعراء المقيمون في هذه المنطقة تجاه ذويهم وإخوانهم الحجاج، فهناك من الوجد والحزن ما يشدهم نحو أولئك الحجاج حتى يعودوا من حجهم إلى أوطانهم، وتتصف أشعارهم في هذا المجال بصدق المشاعر ووضوحها، وتكشف عن الصلات الودية بين الناس. ولم يمحض الشعراء في جنوبي الجزيرة العربية شعرهم في الحنين والشوق إلى ذويهم من الحجاج فحسب، وإنما صرفوا شطرًا منه في رثائهم والتأبين لهم، سواء من تعرض منهم للمحن في حجهم، أو من مات منهم في الحج. كما كان هناك شعر في تهنئة الحجاج العائدين إلى بلادهم، وقالوا الشعر في مدح القائمين على الحج في مكة المكرمة، وأفاضوا في ذلك، وقالوا في مناسك الحج ومشاعره. ولم تسلم قصائدهم من الضعف الأسلوبي واللغوي.
|