تابع الكاتب في هذه المقالة دراسته لتحقيق كتب التراث ونشرها، فتناول كتب الجغرافية، واستهل تناوله بالحديث عن منهج ابن بليهد وما فيه من ريادة، وجهود حمد الجاسر الذي أتاح جملة من الأعمال الجغرافية مما أصدر بعضه مستقلاً في كتب، أو مسلسلاً في مقالات في مجلة العرب، ومن أهم هذه الأعمال كتاب بلاد العرب للحسن بن عبدالله الأصفهاني المتوفى نحو 310هـ، وقد نشر نصه اعتمادًا على النسخ الخطية الخمس التي توافرت للمحقق وقد تراوحت سني تدوينها بين 1299-1349هـ، وكان عنوان الكتاب ونسبته إلى مؤلفه من المشكلات التي واجهت المحقق، وقد رأى صالح العلي أن عنوانه جزيرة العرب للأصمعي أما حمد الجاسر فيميل إلى أن الكتاب جزء من كتاب النوادر للغدة الأصفهاني، ذلك أن الكتاب يحتوي على نصوص منسوبة إلى رواة متأخرين عن عهد الأصمعي، ومنها ما ليس له ذكر في معجم ياقوت الحموي، وهي من الكثرة بحيث تحمل على القول بأنه لو كانت في كتاب جزيرة العرب للأصمعي لما فات ياقوت ذكره. وقد يكون الكتاب لغدة الأصفهاني على أساس أن النسخ التي بين أيدينا تنص على ذلك نصًا لا يمكننا تجاوزه ما لم نجد دليلاً قويًا يحملنا على التجاوز، ولما كانت مؤلفات غدة التي ذكرها مترجموه لا تدل على أن له كتابًا من هذا النوع أو في هذا الموضوع فقد ذهب حمد الجاسر إلى أن الكتاب جزء من كتاب أكبر أُخذ منه وهو النوادر، تضاف إلى ذلك إشارته إلى أن المتقدمين يفوتهم كثيرًا ذكر جميع مؤلفات من يترجمون له، وقد أردف الجاسر الكتاب بعشرة فهارس لمباحثه ومواضعه ومعادنه وأشعاره وغيرها، ثم عرض الكاتب لكتاب المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة الذي نشره حمد الجاسر أيضًا ونسبه إلى أبي إسحاق إبراهيم الحربي المتوفى عام 285هـ استنادًا إلى ما نقله البكري عن أبي عبيدالله السكوني، كما تطرق الكاتب لكتاب ثالث نشره الجاسر من تآليف مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي صاحب القاموس المحيط بعنوان المغانم المطابة في معالم طابة اعتمادًا على نسخة وحيدة مخطوطة له متوافرة في خزانة فيض الله أفندي في إستانبول، وكتبت عام 866هـ.
|