يتناول الكاتب وجوه الإعجاز في الفاصلة في القرآن الكريم، وقد رجع لتفاسير القرآن الكريم ودراسات إعجازه وأساليبه وبلاغته. واستهل الكاتب ببيان مزية الفاصلة في القرآن الكريم بارتباطها بما قبلها من الكلام، بحيث تنحدر على الأسماع انحدارًا، كأن ما سبقها ممهد لها، ثم عرّف الفواصل على أنها كلمات تتماثل في أواخر حروفها، أو تتقارب صيغ النطق بها، وهذه الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز في القرآن الكريم لأنها ترجع إلى محسنات الكلام، وهي من جانب فصاحة الكلام. والفاصلة القرآنية عنصر أساس من عناصر اللغة الإيقاعية، ويمتاز القرآن الكريم بحسن الإيقاع، فتأتي الفاصلة في ختام الآيات حاملة تمام المعنى، وتمام التوافق الصوتي في آن واحد. وتناول الكاتب أقسام الفواصل بحسب مصطلحاتها البلاغية حيث تشمل فواصل متماثلة، أي تبلغ درجة من التماثل في الوزن وحرف الروي، ثم فواصل متقاربة أو متوازنة وهي تتفق في الوزن دون حرف الروي، وفواصل مطرفة وهـي تتفـق في حـرف الـروي فقط دون الوزن، وفواصل منفردة وهي ليست متماثلة ولا متقاربة مع ارتباط في المعنى، ثم تناول الفواصل وتنوع حروفها، ليرى المتتبع للفواصل القرآنية أنها قد بنيت في السورة الواحدة أو في معظم آياتها على حرف واحد، يتكرر ويتردد مع كل آية، فإذا لم يتكرر نفس الحرف تكرر ما يشبهه من الناحية الصوتية، ويتضح من خلال الأحرف المذكورة لفواصل القرآن الكريم مدى عطاء الفواصل من التوافق الصوتي، ثم ناقش علاقة الفاصلة بما قبلها من النص القرآني في الآية، وتنحصر في وجوه أربع هي التمكين أي أن يمهد قبلها تمهيدًا تأتي به الفاصلة ممكنة في مكانها مستقرة غير قلقة، والتوشيح وهو أن يكون في أول الكلام ما يستلزم القافية، والتوشيح دلالته معنوية، والإيغال الذي سمي كذلك لأن المتكلم يكون قد جاوز المعنى الذي هو آخذ فيه، وبلغ إلى زيادة الحد، والتصدير وهو أن تكون اللفظة المعنية قد تقدمت في أول الآية. وانتهى الكاتب إلى أن الفواصل قد أسهمت بدور فعّال في إعجاز القرآن الكريم من خلال التناسق الصوتي واللغوي، واتصلت بوثاقة بالمعنى
|