درس الباحث الحضارة الإسلامية في ضوء نظرية التحدي والاستجابة التي ترجع أهميتها إلى سببين : مكانة واضع النظرية (أرنولد توينبي) على مستوى بحث قضايا التاريخ عالميًا، والحيز المهم الذي شغلته الحضارة الإسلامية العظيمة في فكر (توينبي)، ويهدف الباحث إلى بيان الانجاز الحضاري الإسلامي وإسهامه في بناء الحضارة الإنسانية. وقد رجع إلى كتابات (توينبي)، والدراسات التاريخية والحضارية، ومعالجات فلسفة التاريخ، والبحث التاريخي. وقد استهل دراسته بتوضيح محاورها، حيث عالج ماهية نظرية (توينبي) وطبيعتها وأبعادها وآفاقها ومكانتها بين نظريات تفسير حركة التاريخ وقيام الحضارات وانهيارها من منطلق أن الحضارات ما هي إلا إفرازات بشرية بحتة سواء في بعدها المعنوي كاستلهام لعطاء الأمة أو بعدها المادي كنتاج لعبقرية الأمة المبدعة لها، وعالج تطبيق نظرية (توينبي) في المجالات الحضارية وذلك من خلال سبر أغوار التاريخ البشري ومحاولة بحث أبعاد الحضارات التي استعان بدراستها (توينبي) لإثبات صحة نظريته وانطباقها عليها، ودرس الحضارة الإسلامية ذات الانطلاقة الربانية في ثوابتها، والتأثير العميق في مسيرة التاريخ الحضاري الإنساني، وتناول قضايا الانتكاس والضمور والتراجع والتقوقع الحضاري في تاريخنا وحضارتنا على ضوء نظرية (توينبي)، ثم درس إبداع الحضارة الإسلامية على ضوء نظرية (توينبي)، وتبيّن له أنه على الرغم من أن (تويني) كان غربيًا إلا أنه أنكر أن يكون الغرب هو مركز الثقل الحضاري في العالم قديمًا وحديثًا، ورأى أن الحضارة الإسلامية ستبقى حضارة حية، وأنها قد تنافس حضارات أخرى، وتحتفظ بخصائص غير قائمة في الحضارة الاوروبية الحديثة حيث أن طابع الحضارة الإسلامية الاتساق بين الفكر والعمل كإيمانها بالمساواة وتطبيقها لذلك، وتحريمها للمنكرات وحظرها مثلاً لشرب الخمر. وإجمالاً فإن مستقبل الوجود الإسلامي مستقبل واعد يبشر بالخير لبنائه على الأسس الذاتية للحضارة الإسلامية الديناميكية الخالدة.
|