دراسة تاريخية لهجرات بني حنيفة في صدر الإسلام والعصر الأموي، للكشف عن خصائصها وعواملها وأماكن توجُّهها، بالرجوع إلى المصادر التاريخية والأدبية، وقدم الباحث للدراسة بالحديث عن أقدم الهجرات العربية في الإسلام التي ارتبطت بالفتوح الإسلامية بأنها كانت تمثل نظامًا اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، بل أن الهجرات العربية التي صاحبت الفتوح قد عدّت حدثًا عظيمًا في التاريخ الإسلامي، ولقد كان نشر الدين هو العامل المهم في دفع العرب إلى مناطق جديدة. وقد بحث تاريخ بني حنيفة الذي بقي ملازمًا لتاريخ القبيلة الأم ربيعة في مناطق اليمامة، ومناطق وجود بطون ربيعة قبل هجرتهم من تهامة إلى اليمامة، وكانت قبيلة بني حنيفة في تاريخها الطويل قبل الإسلام تنأى بنفسها عن النزاعات القبلية، وذلك لاستمساكهم بالاستقرار عقب اكتمال توطنهم في المناطق الزراعية والتعدينية نابذين البداوة، وكان بنو حنيفة يشكلون أكثرية سكان اليمامة، وكانت القوة الاقتصادية لهم والمصادر الغنية لليمامة من عوامل جعلهم قوة سياسية وعسكرية مهمة، وعند ارتدادهم عن الإسلام أرسل إليهم الخليفة أبو بكر ــ رضي الله عنه ــ خالدًا بن الوليد فألحق بهم الهزيمة وقتل من قتل منهم وأسر من أسر. وفي العهد الأموي استطاع نجدة بن عامر الحنفي أحد قادة الخوارج أن يزيح المسؤولين الأمويين في اليمامة وأن يقيم حكمًا مستقلاً في اليمامة ثم في البحرين، لكن عبدالملك بن مروان استطاع أن يحكم قبضته على اليمامة وغيرها وتعرض الخوارج للقتل أو التشريد. وقد أدى تعرض بني حنيفة لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة إلى نزوح عدد منهم إلى خارج الجزيرة العربية، ولم تتوسع المصادر في تتبع هجراتهم إلى العراق وخراسان وبلاد الشام ومصر وأفريقيا والأندلس. والخلاصة أن هجرات بني حنيفة وغيرهم لم تتوقف في العصر الأموي وكانت عوامل هجراتهم دينية وسياسية واقتصادية، وكان أغلبها إلى العراق.
|