تناول الباحث سبعة نقوش نبطية عثر عليها في موقع جبل النيصة الواقع على بعد اثني عشر كيلا إلى الشمال الشرقي من مدينة الجوف، وجرى تحليل مادة النقوش والنظر في أسماء الأعلام فيها للكشف عن مضامينها ودلالاتها، ورجع للمصادر التاريخية واللغوية والتقاليد الأثرية. إن المنطقة الشمالية من أغنى مناطق المملكة العربية السعودية بالنقوش العربية القديمة مثل النقوش الثمودية، والنقوش المعروفة بالصفوية، والنبطية، وغيرها من النقوش الأخرى. ولا تختلف الجوف عن غيرها من المناطق الشمالية الأخرى من حيث تعدد مواقعها الأثرية التي تعود إلى عدة فترات ابتداء من العصور الحجرية القديمة وحتى الفترة الإسلامية، وبما أن الباحث قد ركز على معالجة النقوش النبطية التي عثر عليها في منطقة الدراسة، فإنه قد قدَّم لها بإعطاء نبذة عن الدراسات العلمية السابقة التي قام بها العلماء المتخصصون لهذه النقوش، حيث قام العالمان الفرنسيان( سافيناك وستاركي) بدراسة نقش نبطي وجد في منطقة الجوف، وفي عام 1970م، نشر ( ونيت وريد) دراستهما لواحد وعشرين نقشًا من هذه المنطقة، وفي صيف عام 1988م قام الكاتب بزيارة للمنطقتين الشمالية والشمالية الغربية، وعثر في منطقة الجوف على أربعة نقوش نبطية وُجدت في جبل النيصة. واتضح من قراءتها أنها ربما تعود إلى أواخر القرن الثاني الميلادي، وقد ورد فيها اسم علم يعني الصائغ، وتكمن أهمية ذكره في أنه قد اشتق من حرفة الصياغة، واستُدل من وروده انتشار مهنة الصياغة، أي التعامل الحرفي مع الذهب والفضة في المجتمع العربي القديم، ولا يُستبعد أن تكون الصياغة قد عُرفت جيدًا في المجتمع النبطي في أوائل القرن الأول قبل الميلاد، خاصة أن اسم (صايغ) لم يظهر في النقوش النبطية إلا في أواخر القرن الأول قبل الميلاد، ويبدو أن حرفة الصياغة كانت منتشرة في جنوب مملكة الأنباط وغربها.
|