تناول الباحث الفتوحات الإسلامية المبكرة مقتصرًا على دور سكان المنطقة الواقعة إلى الجنوب من مكة المكرمة والطائف، والممتدة إلى حواضر اليمن الكبرى مثل صنعاء وصعدة وغيرهما فيها، وقد أطلق عليها اسم ( تهامة والسراة ) ، وهدف الباحث بيان الشخصية التاريخية لهذه المنطقة ودورها، وقد انطلق هذا البحث من ثلاثة محاور: دور أهل المنطقة المدروسة في الجبهة الشامية، ودورهم في الجبهة الفارسية، ودورهم في التنظيم العسكري والقيادات العسكرية. أما في الجبهة الشامية فقد استنفر أبو بكر ــ رضي الله عنه ــ القبائل العربية لجهاد الروم، بما فيها القبائل التي كانت في بلاد السراة وحواضر اليمن الكبرى الذين أرسل إليهم كتابًا مع أنس بن مالك، فوفدت كتائبهم على المدينة المنورة، وكان منها قبائل حمير التي كان على رأسها ذو الكلاع الحميري، وتلتها كتائب عشائر مذحج تحت زعامة قيس بن هبيرة، وكتائب من أزد السراة، ثم توجهت بعد ذلك جيوش المسلمين إلى بلاد الشام واشتبكوا مع الروم في معركة اليرموك، واستمر أهالي المنطقة يتدفقون للجهاد إلى أن دخلت الشام في الإسلام. أما في الجبهة الفارسية فقد أمر الخليفة أبو بكر خالد بن الوليد أن يذهب بالجند عقب انتهاء حروب الردة إلى نصرة المثنى بن حارثة الشيباني الذي كان يقاتل الفرس في جنوب العراق، ثم أُمر خالد بالتوجه إلى شد أزر الجيوش الإسلامية في الشام، ثم طلب المثنى مددًا آخر فوصله من أبي بكر مدد من المجاهدين بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي، ولما تولّى عمر بن الخطاب الخلافة استحث المسلمين على الجهاد فقدم البجليون من السراة وطلب إليهم التوجه إلى بلاد فارس، وقدم الآلاف من قبائل مذحج وانتصر المسلمون على الفرس في معركة القادسية. أما دورهم في التنظيمات العسكرية في جبهتي الشام وفارس فقد أشير إلى دور أهل تهامة والسراة في بناء الدولة الإسلامية وكان لهم أدوار قيادية في الجبهة الشامية، وكان منهم عدد من القادة العظام في الجبهة الفارسية، والخلاصة أنهم كانوا من السبّاقين إلى تلبية دعوة الجهاد والمشاركة في فتوحات بلاد الشام وفارس.
|