دراسة وثائقية للعهود التي أعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود والنصارى، هدف كاتبها إلى تحقيق نصوصها وكشف ما فيها من تزوير واختلاق، ورجع للسيرة النبوية ومصادر الوثائق التاريخية الإسلامية والتاريخ والفتوح الإسلامية. ومهّد بنبذة عن وثائق العهد والأمان المعطاة لأهل الذمة؛ ثم أخذ بتناول مجموعة الوثائق المدروسة بادئًا بعهدين منسوبين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذُكر أنه أعطاهما لأهل أيلة (العقبة)، وأهل أذرح أثناء غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، وقد ميّز الباحث نص العهدين، وذكر أن آخر سطر في العهد الثاني لم يرد في السيرة النبوية لابن هشام، ثم تناول كتابًا آخر نسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو موجّه إلى حنين وأهل خيبر، فذكر أنها مزورة اختلقها اليهود وكتبت بالخط العبراني، وقد عرض الكاتب نصها، وبيّن أن من أسباب كونها مزورة أنها معبرنة؛ أي كتبت الألفاظ العربية بالحروف العبرانية، ثم أنها اشتملت على امتيازات لم يعطها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من أهل الكتاب منها: أ - عبارة "وليس عليكم جزية"، ب - عبارة "ولا يجعل أحد عليكم رسمًا"، ج - والتعهد: "ولا تمنعون من ركوب المشققات والملونات، ولا من ركوب الخيل، ولباس أصناف السلاح"، د - وعبارة "ومن قاتلكم قاتلوه، ومن قتل في حربكم فلا يقاد به أحد منكم، ولا له دية"، هـ - وعبارة "ولا تمنعون من دخول المساجد" و - وعبارة "وتكرموا لكرامتكم، ولكرامة صفية ابنة عمكم"، وغيرها؛ ويضاف إلى ذلك ما في الوثيقة من ركاكة أسلوب ومفارقات تاريخية تؤكد اختلاقها. ثم عرض الكاتب لوثيقة أخرى عُرفت عند النصارى بالعهدة النبوية، وذكروا أنها كتبت بخط علي بن أبي طالب، وزعموا أنها وضعت في المسجد النبوي، في السنة الثانية للهجرة، ونقلت عنها نسخ أرسلت إلى الخارج، ومنها نسخة محفوظة في دير طور سيناء، فأورد نصها، وبيّن الباحث أن ما فيها من المضامين وركاكة الأسلوب والأخطاء النحوية والمفارقات التاريخية يثبت كذبها، ونقل الباحث ما قيل من أن السلطان العثماني أمر بجلبها إلى الآستانة في أوائل القرن السادس عشر للميلاد لعرضها على المجلس الشرعي، حيث نُقلت إلى التركية دون تمحيص، ورُدّ الأصل العربي للدير مرة أخرى.
|