تناولت المقالة أهمية ميناء جدة منذ تأسيسه مع التركيز على وضعه في أواخر العصر المملوكي وبدايات العصر العثماني، ويهدف الباحث إلى توضيح مظاهر هذه الأهمية، وما بذل المسلمون من جهود للدفاع عن جدة ضد مطامع النصارى الأوروبيين، وقد رجع للدراسات والمصادر حول تاريخ منطقة الدراسة وبلدان الجزيرة العربية والوطن العربي في العصرين المملوكي والعثماني، ومهّد بالحديث عن إنشاء ثغر جدة في عصر الخليفة عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه ــ وتصاعد أهميته، ونشاطه في استقبال الحجيج والتجارة، وعناية سلاطين المسلمين به والدفاع عنه، ثم تطرّق إلى وضع جدة في عهد المماليك، حيث كان لهم فيها حاكم مسمى بنائب جدة، كما تحدث عن وضع جدة في القرن العاشر الهجري حيث ظهرت أهميتها القصوى في الدفاع عن الحرمين الشريفين والبحر الأحمر في وجه الأطماع البرتغالية، وقد بنيت على سواحلها الأسوار والاستحكامات التي وقفت أمام حملات البرتغاليين الحاقدين الذين حاولوا اقتحامها لأسباب دينية وعسكرية واقتصادية بتشجيع من بابوية روما، وواجههم المماليك وعملوا على تحصين المدينة وحفر خندق دفاعي ونصب عدد من المدافع، وقد شارك شريف مكة في بناء سور جدة، وهاجم الأسطول المصري الأسطول البرتغالي سنة 914هـ، وأحرز انتصارًا جزئيًا عليه، وعاد البرتغاليون وهاجموا الأسطول المصري وتغلبوا عليه سنة 1509م في معركة ديو البحرية، كما أغاروا على ميناء عدن سنة 919هـ/ 1513م وخربوه، واستولوا على جزيرة قمران في صفر 919هـ ودمروها، ثم تناول الكاتب دور العثمانيين في البحر الأحمر، حيث جعلوا إمارة جدة تابعة لهم مباشرة بسبب وضعها الحربي والاقتصادي، وكان البرتغاليون قد أعدّوا حملة لمهاجمة جدة سنة 1517 وفشلوا، ونشطت السفن العثمانية في حصار سواحل الحبشة المتآمرة مع البرتغاليين، ودعم العثمانيون قواعدهم البحرية في اليمن وسيطروا على معابر البحر الأحمر وجعلوا منه بحيرة إسلامية، ومنذ سنة 945هـ اتخذ العثمانيون سياسة دفاعية في البحر الأحمر ولم يفكروا في اجتيازه لمنافسة النشاط التجاري البرتغالي والغربي في مياه البحار الشرقية.
|