دراسة وثائقية تاريخية تتناول الرسالة التي قيل أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب قد أرسلها إلى أهل المغرب، ويحتفظ بأصلها في الخزانة الملكية في الرباط، ويهدف الباحث إلى تحقيق صحة نسبتها إلى الشيخ، استنادًا إلى دراسة محتوياتها وما ورد عنها في المصادر التاريخية كتاريخ الجبرتي وغيره، وقد استهلّ بمراجعة نص الرسالة فيما كتبه محمد بن عبدالله الحمدان (1401هـ) وفي كتاب: الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1385هـ) مركِّزًا على ما فات الحمدان ذكره في مقارنته لنص الرسالة المحفوظة في الخزانة الملكية بالرباط، مع نصها المثبت في الدرر السنية، يضاف إلى ذلك إشارته إلى الأخطاء المطبعية، ثم انتقل إلى مناقشة صحة نسبة الرسالة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب فأشار في البداية إلى أنها لم ترد ضمن رسائله التي أوردها حسين بن غنام في تاريخه، وهو الحريص على ذكر كل ما كان له من نشاط ورسائل وإجابات، ثم إن الرسالة لم تبدأ بعبارة الشيخ المعتادة في رسائله وهي "من محمد بن عبدالوهاب"، والرسالة المحفوظة في الخزانة الملكية بالرباط ليست بخط الشيخ محمد، ولا بخط أحد علماء الدعوة الإصلاحية النجدية، ثم إن التطور التاريخي لمسار دعوة الشيخ محمد والدولة السعودية الأولى يوحي بأنه من المرجح ألا يكون اهتمام زعماء الدعوة بالمغرب قد بدأ قبل دخولهم على الحجاز ملتقى حجاج بيت الله الحرام، وإن الرسالة كتبت في فترة انتصر فيها زعماء الدعوة على خصومهم بدليل العبارة الواردة فيها: "حتى نصرنا الله عليهم"، وكانت سيطرتهم على مناطق خارج نجد كالأحساء وعسير والحجاز بعد وفاة الشيخ محمد، ثم إن المؤرخ الجبرتي لما تحدث عن دخول سعود بن عبدالعزيز مكة سنة 1218، ذكر أنه أرسل إلى شيخ الركب المغربي كتابًا يوافق نصه نص الرسالة المبحوثة، وهكذا يتضح أن هذه الرسالة لم تكن للشيخ محمد، وأنها كُتبت بعد دخول آل سعود الحجاز، وتم ذلك بعد وفاة الشيخ محمد، وكان الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب مع سعود بن عبدالعزيز حتى دخل مكة، وقد كتب رسالة حينذاك أوضح فيها عقيدة أنصار الدعوة الإصلاحية، ولعله هو الذي كتب الرسالة المنسوبة إلى أبيه
|