تناول الكاتب تاريخ جبل طارق وموقعه، وعرّف به في مستهل مقالته، وأوضح أنه يشكل شبه جزيرة من الصخر الجيري تقع إلى الجنوب الشرقي من إقليم قادس الإسباني، وتمتد لثلاثة أميال من الشمال إلى الجنوب، وأقصى ما يبلغه عرضها ميل واحد، ومساحتها ميلان مربعان، وبها مدينة ومرفأ يحملان الاسم نفسه، وهما يسايران السفح الغربي الذي يعد أقل انحدارًا من السفح الشرقي، ويتجاوز سكانها ثلاثين ألف نسمة من الأسبان والإنجليز والمغاربة. وجبل طارق مفتاح البحر الأبيض المتوسط، ويصله بالمحيط الأطلسي، وهو محصّن تحصينًا منيعًا. وتحدث الكاتب عن تاريخ الجبل القديم الذي سماه الإغريق بالصخرة، وبجبل إيبلا، وقد اجتازته جيوش العرب عام 711م بقيادة طارق بن زياد في مسيره لفتح بلاد الأندلس، وقد اكتسب اسمه الحالي من اسم هذا القائد المسلم، وأول مدينة معروفة في هذا المكان أُنشئت عام 1160م على يد الحاكم المسلم عبدالمؤمن، وكان بها مساجد، وقصور، وجداول ماء، ودفاعات، وتحصينات قوية. وقد استولى الأسبان على جبل طارق عام 1309م، واحتفظوا به حتى استولى عليه الملك المغربي أبو الحسن عام 1333م، وما تزال في الجبل آثار مغربية ترجع إلى عهده. وغادر المغاربة المدينة في عام 1462م، وخضع الجبل للأسبان حتى عام 1704م عندما سيطر عليه البريطانيون. وكان جبل طارق قاعدة بحرية عظيمة الفائدة خلال الحربين العالميتين، وعملت أحواض السفن في الجبل بتواصل في إصلاح سفن بريطانيا وحلفائها، وفيه مطار شيد ما بين الجبل ومدينة "لالينا" الأسبانية قبيل غزو الحلفاء لشمال أفريقيا. وجبل طارق اليوم مستعمرة بريطانية مزدهرة ذات مرفأ وأحواض جافة، وخط طيران يومي منتظم إلى لندن ومنها، وهو قاعدة بحرية وجوية وحربية.
|