تناول الكاتب اهتمام العرب بالكيمياء، واشتغال الأمير خالد بن يزيد المتوفى سنة 85هـ/ 704م بها، ومحاورته مع الراهب (مريانس) في هذا العلم، وقد رجع إلى ديوان الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في علم الحكمة، وكان من أوائل المشتغلين بالكيمياء من علماء العرب والمسلمين، وكان - على ما يقول ابن النديم فيه - حكيم آل مروان وكان فاضلاً في نفسه، وله همة ومحبة للعلوم، فأمر جماعة من فلاسفة اليونان ممن كانوا ينزلون في مصر أن ينقلوا الكتب في صنعة الكيمياء من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربية، وكان له عدة كتب ورسائل في هذا العلم، ومنها: كتاب الحرارات، وكتاب الصحيفة الكبير، وكتاب الصحيفة الصغير، وكتاب وصيته إلى ابنه في الصنعة، وذكر ابن خلكان عنه أنه كان من أعلم قريش بفنون العلم، وله تآليف في الكيمياء والطب، وله رسائل دالة على معرفته وبراعته فيهما، وأخذ العلم عن راهب رومي اسمه (مريانس)، ويبدو من النظر في ديوانه أنه قد يكون أول من أنشأ ما نعرفه اليوم بالنظم التعليمي، حيث دوّن الأمير خالد معارفه في الكيمياء في قوالب شعرية، وقد وصلت عدة نسخ خطية من ديوانه الذي اشتمل على (2903) أبيات جمعها محمد الميقاني سنة 1037هـ/ 1627م، معتمدًا على كتاب غالب مولى خالد وخادمه وأمينه الذي روى أن خالدًا خرج مرّة إلى دير مُرّان بدمشق واستأذن للدخول عليه رجل من بيت المقدس عرَّفه بمريانس الرومي ومعرفته بالكيمياء فأُتي له به ومما جرى في لقائهما الدروس الأولى في الكيمياء والطبائع الأربع: الحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، ومصدرها الأرض، وأن من في السماء هو المدبر لما في الأرض، ثم جرى تناول حجر الحكماء أو حجر الفلاسفة، ومن المواد التي تطرقت إليها معالجات المخطوطة النحاس، والملح، والنطرون، والكبريت، والزئبق، والحجر المعراوي الأرجواني، والياقوتة الحمراء، والسيلقون، والزرنيخ، والأكسير.
|