دراسة للعلاقة بين الغناء البدوي والشعر الجاهلي والشعر النبطي، بهدف توضيح إيقاعات الشعر وتراكيبه ومظاهر الغناء البدوي، وقد رجع فيها إلى دراسات الشعر الجاهلي والنبطي والموسيقا والغناء العربي. واستهل الباحث دراسته بالنظر في الغناء البدوي، وقد قسمه إلى نوعين: النصب وهو غناء مهذّب موزون تبعًا لعروض الشعر القديم، وغناء الركبانية وهو الأحب لقبائل الصحراء، والأقرب إلى أنواع الغناء المرتجل، وكانت الأداة المصاحبة له "القضيب" الذي يُستعان به في توقيع وزن الأغنية، وكانت العرب تتغنى به إذا ركبت الإبل، وإذا جلست في الأفنية، وعلى أكثر أحوالها. والغناء بالركبانية يعتمد على التقطيع، والنصب أرقى من الركبانية ويغنى به في مجالس خاصة. ومن المغنين البدو زمام بن حظام بن النضاح، وأبو أسامة الهمذاني. ثم عرض الباحث لغناء الحاضرة، أو ما سماه الأحوص غناء القرى، وهو غناء تستعمل فيه أدوات موسيقية بدائية، ويعكس أجواء حضرية، أي أنه غناء بالتلحين لمصاحبته للآلة الموسيقية. ثم تناول الباحث الشعر النبطي ونسبته ومسيرته في معايشة الشعر الفصيح. وهناك تشابه بين أوزان الشعر النبطي وبحور الشعر العربي الفصيح، لكن الشعر النبطي خالٍ من الإعراب بينما الشعر الفصيح مقيد بالحركات الإعرابية، ويُسمى الشعر النبطي على وزن الطويل بالهلالي، وعلى وزن الوافر بالضمري، ويُغنّى الشعر النبطي على الربابة. ثم أتى الباحث على خصائص الشعر العربي الفصيح، فأوضح أنه لا يتتابع فيه أكثر من ثلاثة ممدودات، غير أن الشعر النبطي لا يخضع لذلك، كما أن الشعر العربي في الغالب الأعم يبدأ بمتحرك. وإجمالاً فإن من المتعذّر أن نحدد أوزانًا بعينها يختص بها الشعر البدوي لكثرة ما يبتدع الشعراء من أوزان جديدة، ولغياب أوزان محددة على نحو مطلق، والخلاصة أن الشعر البدوي والشعر الفصيح كليهما يخضعان للغناء، ويمكن التغني بهما مع ضرورة مراعاة الحركات الإعرابية في الشعر الفصيح.
|