تتناول المقالة صراع القوى الاستعمارية الغربية في البحر الأحمر خلال سني الحرب العالمية الأولى، ويهدف الباحث إلى بيان أهمية البحر الأحمر التجارية والعسكرية ومظاهر الصراع الغربي للسيطرة عليه، وقد رجع إلى المصادر والدراسات المتصلة بتاريخ منطقة الدراسة وأحوالها السياسية، ثم تتبع وقائع الصراع الدولي للهيمنة على البحر الأحمر بين بريطانيا وفرنسا في البداية في أعقاب الحملة الفرنسية على مصر 1798م، واحتلال بريطانيا لجزيرة بريم 1799م لمنع أي اتصال من جانب الفرنسيين بالمحيط الهندي عن طريق البحر الأحمر، وقد أشار إلى أن أطماع إيطاليا في البحر الأحمر قد تكشفت لبريطانيا، حيث حاولت الأخيرة التسلل إلى جنوبي الجزيرة العربية وغربيها وساحل البحر الأحمر، وقام الإيطاليون بمظاهرة الإدريسـي وإمـداده بالمال والعـتاد فتمـكن من احتـلال جـزر فرسـان وتهـديد وجـود الأتراك في اليمن، فما كان من بريطانيا إلاّ أن وقعت معاهدة مع الإدريسي في 1917م اعترفت فيها له بأن جزر فرسـان جـزء لا يتجـزأ من ممتلكاته وتعهدت له بحماية هذه الجزر والساحل التابع له من أي عمل عدواني، وفي 1918 أعلنت وزارة خارجية إيطاليا عن اهتمامـاتها بالبحـر الأحمر وبتوازن القوى فيه وطالبت بالسيطرة على جزر فرسان حتى ساحل عسـير، وألاّ تحتـل أية قـوة الجـزيرة العـربية، وبقـاء الأماكن المقدسـة للإسـلام في أيـدي المسـلمين، فواجهـت بريطانيـا مطامع إيطاليا بحزم لدى انعقاد مؤتمر السلام في 1919م، وردت عليها أنه لن يكون لها مكاسب في جزر فرسان لأن ذلك سيتعارض مع مصالح بريطانيا السياسية والاستراتيجية، وأن هذه الجزر جزء من إمارة الإدريسي، وهددتها بأنها إذا لم تتخـلّ عن مطالبـها هـذه، فإنها ستعيد النظر في مصالحها في شمال أفريقيا والحبشة، فلم تعد إيطاليا تثير مسـألة أطماعها في البحر الأحمر، إلا أنها أبرمت 1928 مع حكومة اليمن معاهدة ووعدوا أن سينالوا حقوق وامتيازات في جزر فرسان التي كان يعد للهجوم عليها، إلاّ أن كل الظروف السياسية اختلفت بعد هيمنة الملك عبدالعزيز على الجزر.
|