تناولت المقالة سيرة البطل نور الدين محمود، وصورته في شعر المواجهة مع الغزو الصليبي؛ حيث نال هذا المجاهد كثيرًا من مديح الشعراء لبطولته وجهاده وسجاياه وقيادته. ومن شعراء القرن السادس الهجري الذين مدحوه ابن القيسراني، وابن منير الطرابلسي، والعماد الأصفهاني، وأسامة بن منقذ، وابن قسيم الحموي، وعلم الدين الشاتاني. وقد وصف ابن القيسراني نورالدين بالحزم، والشدة، وثبات الجنان، ورباطة الجأش وسرعة البطش بأعدائه في المعارك وردّ كيدهم عن ثغور الوطن، بالإضافة إلى نشره العدل في البلاد. ونورالدين قد امتثل للأمر الإلهي القاضي بقتال الذين يقاتلون المسلمين، وعرف بتمثّله الواعي للخلق الإسلامي، وترسمه لهدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فكان واسع الصدر، ليّن الجانب، صفوحًا عن المسيء من جنده، قوي الشكيمة على أعدائه. وكان محاسبًا لنفسه، وحرص على التزام جيوشه أوامر الشرع الحنيف، وسلك إجمالاً مسلك التّقى والعدل، وكان ملاذ العلوم والآداب. وقد قويت شوكة الإسلام في عهده. وصوَّر ابنُ منير الطرابلسي في شعره كفاح نورالدين ضد الصليبيين، وما أوقعه بهم من هزائم، ومجّد قوة المسلمين في عهده، وتطهيره لسواحل بلاد الشام من الصليبيين. وشارك العماد الأصفهاني في توضيح معالم الصورة التي رسمها شعراء المواجهة لنورالدين. وعدّه أسامة بن منقذ المدافع الأوحد عن بلاد الشام. وأما علم الدين الشاتاني فقد سلك نور الدين في عداد عظماء التاريخ في قيادة المعارك واقتحام لجج القتال، مما مكّنه من فتح مصر وضمها لمملكته. ويُسبغ عليه ابن قسيم الحموي صفات السياسي البارع، والقائد المظفر، والمؤمن الصادق. وأضاف المهذب ابن أسعد الموصلي إلى صورة نور الدين خصال العفة، وطهارة الذيل، والصدق في القول، والإخلاص في العمل .
|