تناولت هذه الدراسة بناء القصة الإنجليزية الحديثة وعناصرها، وهي مبنية على النظر في نماذج منها وعلى بحوث مختارة عالجتها، وهدف الباحث إلى أن يثبت أن لها تصميمًا أساسيًا. واستُهلت بعرض ملامح بنية القصة التقليدية التي لها حبكة تدور حول صراع وتنطوي على أحداث، وهذه الأحداث متوالية ومتصاعدة ومتطورة على نحو يثير تشويق القارئ في متابعتها إلى أن تنتهي بحلّ الصراع محققة هدف القصة في نهايتها، وقد وصفت القصة التقليدية بأنها بوجه عام دراماتيكية، ويركز الكاتب فيها على الصراع، وحله هو السبب في إحساس القارئ بوحدة العمل وتطوره إلى حدّ الاكتمال. والصراع نوعان: صراع خارجي تقف فيه عوائق مادية من الشخصية، وصراع داخلي يأخذ مكانًا في الشخصية ذاتها. وبالمقارنة تبدو القصة القصيرة الحديثة مفتقدة لبنية الحكاية وكأنها بلا حبكة، غير أنه من المؤكد أن الكاتب الحديث قد حاول الابتعاد عن اعتماد الحبكة التقليدية، وقد رأى الكاتب (شيروود أندرسون) أن فكرة الحبكة قد سمَّمت الكتابات القصصية التقليدية وابتعدت بها عن الواقعية، لكن الكاتب يعلّق على ذلك بأنه ليس اعتراضًا على وجود الحبكة بقدر ما هو اعتراض على إساءة استخدامها، والحبكة ليست زائفة بالضرورة، ورأى أنه لا ينبغ أن تنطوي الحكبة على ابتذال أشكال قصص الصيغة الجاهزة وميكانيكيتها. وترضي القصة الحديثة أصحابها لأسباب واقعية، وهي تشتمل بالفعل على صراع وأحداث متطورة تفضي إلى حله. ويعنى القاصّ الحديث بتحديد الموضوع وبالدقة، ويعوّل في أسلوبه على الإيحاء والتلميح من غير مباشرة ليتيح للقارئ النظر إلى الشخصيات كما ينظر من خلال نافذة، بحيث يسعفه خياله إلى التوصل إلى ما لم يقله الكاتب.
|