يمتد صفان من المقاعد الطينية (دَكَّة) حول سور القصر في مدينة الرياض - عاصمة عبدالعزيز بن سعود، سلطان نجد - مكتظان بحشد من الناس ظننت لأول وهلة أنهم جاؤوا لرؤيتي ورفيقي السيد هاشم وقافلتنا الصغيرة وطباخنا "هويدي" وبقية الخدم، ولكنني نسيت لحظتها أن الفضول ليس سجية عربية. لقد كان هناك خمسمئة رجل كانوا منذ زمن قصير بدوًا يحترفون الترحال، يجلس بعضهم الآن بمهابة خارج القصر. وينتظر بعضهم الآخر في الفناء والممرات غير خانعين، بل بصفتهم شخصيات مهمة على موعد مع السلطان. ويبدو على بعضهم سيما الأمراء، بينما يتخذ أصحاب الملابس البالية من عصيهم الخيزرانية الملازمة لهم دائماً أداة للاعتزاز بالنفس، وترتاح نهايات العصي المقوّسة على شفاههم، وليس مهماً إن كانوا في حالة شرود ذهني أو في حالة تفكير عميق في أثناء وضعها على شفاههم.
|