دراسة لغوية يستقري فيها الباحث "جملة من الأبنية في العربية ومدلولاتها ليخلص إلى شيء من خصائصها"، وقد تناول فيها جملة من المواد اللغوية التي اصطلح على تسميتها بالنوادر الغريبة، ولم يرد بالنوادر ما أراده المتقدمون من اللغويون كنوادر أبي زيد، ونوادر ابن الأعرابي، وقد رجع الكاتب إلى القرآن الكريم، ثم إلى المعجمات، وكتب اللغة، والأدب، والشعر والشعراء، ومهّد بالتطرق إلى شيوع الوضع في اللغة، ووجود ظاهرة افتعال اللغة العربية وتوليد الأفعال وإدخال ما ليس في كلام العرب في كلامها، كما فعل ابن دريد صاحب "كتاب الجمهرة" من وجهة نظر الأزهري صاحب "التهذيب"، وأشار غيره إلى ما سمي مناكير ابن دريد، ثم أخذ يتناول أمثلة من أبنية الأفعال النادرة الغريبة، فبدأ ببناء (أفعالّ) مثل احمارّ واصفارّ وادهامّ، ورأى أنها تفتقر إلى شيء من النظام الموزون في بنية الكلمة العربية، ولم يستسغ نقاد العرب ورود هذا البناء في الشعر خاصة، ورأى الكاتب أن بناء (افعألّ) مثل اطمأنّ ليس من (افعالّ)، ورأى قلة الوارد من هذا البناء في العربية بالقياس إلى أبنية الأفعال الأخرى، أي أن العربية قد عدلت عنه إلى استخدام الأبنية الأخرى، فسدت الأفعال احمرّ واصفرّ واخضرّ مسد احمارّ واصفارّ واخضارّ، وهذا يشير تاريخيًّا إلى تطور العربية واتجاهها نحو استخدام الأسهل والأوفق، ثم أشار إلى كثرة أبنية الرباعي في العربية وكذلك أبنية الخماسي، وإلى ما يجرى من زيادة على هذه الأبنية لينشأ المزيد من هذه الأبنية فيحصل الدارس على مجاميع كبيرة من الألفاظ الغريبة، وتأتي الغرابة والندرة فيها من ناحيتين: هيآتها التركيبية، ودلالاتها المعنوية، وقد رأى الكاتب أن الألفاظ الغريبة أو النوادر تفتقر في الأعم الأغلب إلى الشاهد الذي يطمأن إليه، وهو إن وجد فرجز نادر لا يظهر إلا في المطولات اللغوية .
|