هدف الباحث في هذه المقالة إلى مسألة سن أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها، والردّ على بعض المستشرقين الآثمين في زعمهم أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها كان وهي في سن صغيرة بعد؛ ولم يقتنع الباحث بوجهة نظر عائشة عبدالرحمن المعروفة ببنت الشاطئ دفاعًا عن زواج عائشة صغيرة، بأن بنات العرب لسن كبنات أوربا الباردة، فهنّ سريعات النضوج جنسيًا لأنهن يعشن في بلاد حارة! كما أشار الباحث لما كتبه إبراهيم شموط حول زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة، وفي الرد على المؤرخين الذين أطلقوا لأقلامهم العنان في الموضوع، موضحًا الأمور الآتية التي ينبغي أن تُؤخذ في الحسبان عند النظر في هذا الموضوع، أولها: إن كتب السيرة التي قدرت للسيدة عائشة تلك السن الصغيرة عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها روت بجانب ذلك خبرًا أجمع عليه الرواة وهو أن السيدة عائشة كانت مخطوبة قبل خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم لها إلى رجل آخر هو جبير بن المطعم بن عدي الذي ظل على دين قومه إلى السنة العاشرة للهجرة، ولا بد أن تكون خطبة جبير قد تمت قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم أي قبل ثلاثة عشر عامًا قضاها صلى الله عليه وسلم في مكة؛ فإذا بنى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الثاني للهجرة تكون سنها وقتذاك قد جاوزت الرابعة عشرة، على فرض أن المطعم بن عدي خطبها لابنه جبير في يوم مولدها وهو أمر مستبعد! وثانيها: أن خولة بنت حكيم زوج عثمـان بــن مظعـون قد ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعرض عليه الزواج بعد وفاة خديجة ــ رضي الله عنها ـ من عائشة أو من سودة بنت زمعة التي كانت ثيبًا، ويستدل من ذلك أن عائشة كانت في تمام نضوجها في نظر خولة؛ وثالثها: إن اغتباط والدة عائشة كان شديدًا عندما فسخت خطبة ابنتها من جبير، وخطبها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويروى أنها قالت لأبي بكر: "... فادفعها إلى رسول الله تلق الخير والبركة"، والأم حين تطلب لبنتها الزواج تكون أعرف الناس بعلامات النضج في ابنتها، ويزيد الباحث هذه الأمور توضيحًا بالقرائن.
|