درس الكاتب بحور الشعر العربي الخليلية، مستهدفًا توضيح البحور المتداخلة وحصرها، وقد رجع إلى دراسات العروض والقوافي. وأوضح أنّ حركات البيت الشعري وسكناته تقاس بمقاييس يُطلَق عليها الأسباب والأوتاد، والأسباب نوعان : ثقيل أي عبارة عن حركتين متتاليتين، وخفيف أي عبارة عن حركة فسكون، والأوتاد نوعان: مفروق أي عبارة عن حركة فسكون فحركة، ومجموع أي عبارة عن حركتين متتاليتين بعدهما سكون، ومن الأسباب والأوتاد تتكون التفعيلات وصورها عشر هي: فعولن، فاعلن، مفاعيلن، مستفعلن، فاعلاتن، مفاعلتن، مفاعلن، فاع لاتن، مفعولات، مستفع لن، ولما كانت صورة ( مستفع لن) ذات الوتد المفروق تشبه (مستفعلن) ذات الوتد المجموع، وصور (فاع لاتن) ذات المفروق تشبه (فاعلاتن) ذات الوتد المجموع تسامح بعض العروضيين وعدّوا التفعيلات ثماني تفعيلات، على أن هذه التفعيلات المذكورة تعود إلى أربعة أصول تبدأ كلها بالوتد لأهميته، ولكل واحدة فرع أو أكثر، ولو نظرنا إلى التفعيلات الفروع لوجدناها هي الأصول مع تغيير في الترتيب، ثم هناك الزحافات والعلل التي تعتريها بنقص أو زيادة، وهذا هو سبب التداخل بين البحور المتقاربة التركيب، ولعل بحر الرجز من أكثر بحور الشعر تداخلاً مع غيره، فالرجز السالم التفعيلات كلها يشبه بحر الكامل المضمر التفعيلات كلها، إلا أن الرجز به أولى لعدم التغيير فيه، مع ندرة التغيير في هذا البحر، ولو خُبنت تفعيلات الرجز كلها، فأصبحت ( مستفعلن ) (مفاعلن)، لأشبه بحر الكامل الموقوص التفعيلات كلها، كما أن الرجز المطوي التفعيلات كلها، يشبه بحر الكامل، كذلك بحر الوافر إذا عُصب في أجزائه الأربعة كان هزجًا، وأدخل الجوهري السريع في بحر البسيط، والمقتضب والمنسرح في بحر الرجز، والمجتثّ في مربع الخفيف.
|