تتناول المقالة سيرة أبي جعفر بن محمد بن سلامة بن مسلمة بن عبدالملك الشهير بالطحاوي، نسبة إلى بلاد طحا في شمال صعيد مصر، وفقهه، وهدف كاتبها إلى التعريف بشخصية هذا العالم وعلمه وتصانيفه وآثاره، وقد رجع في ترجمته له إلى كتب التراجم والفقهاء والحفاظ والقضاة وأخبارهم؛ ومهّد بذكر نسبه ونشأته وبيئة العلم والتقوى التي ترعرع فيها في القرن الرابع للهجرة؛ وذكر أنه حضر حلقة الإمام أبي زكريا يحيى بن محمد بن عمروس، وكذلك حلقة خالد بن إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني في القاهرة حيث استمع إلى سنن الإمام الشافعي، وإلى علم الحديث ورجاله، ثم انتقل إلى حلقة أبي جعفر بن أبي عمران الحنفي متأثرًا برؤيته لخالد يديم النظر في كتب أبي حنيفة، وبما سمعه في حلقة الإمام أبي جعفر أحمد بن عمران الذي تولى قضاء مصر في ذلك الوقت، ثم تطرق الكاتب إلى شيوخه الآخرين الذين رُوي أن عددهم يتجاوز ثلاثمئة شيخ وذكر الكاتب بعضهم، وطرفًا مما دار بين الطحاوي وبين بعضهم مما يكشف عن قوة حافظة الطحاوي وعمق فهمه وسعة علمه، ثم تناول الكاتب سيرة الطحاوي محدثًا، فأشار إلى أن كتابه "شرح معاني الآثار" يعدّ من خيرة الكتب التي صُنِّفت في الحديث، ويعرض فيه الطحاوي المباحث الفقهية مقرونة بأدلتها، ويذكر في غضون ذلك بحثه المسائل الخلافية ويناقشها، ثم يرجح ما استبان له الصواب منها على ضوء الآحاديث. ويُستفاد من المصادر أن الطحاوي كان محدّثًا وراوية، وقد تطرّق الكاتب لتلاميذه الذين أخذوا العلم عنه وهم كثر، ومنهم ابن الخشاب الحافظ، وأبو بكر علي بن أحمد بن سعدويه البراديمي، وأبو القاسم مسلمة بن القاسم بن إبراهيم القرطبي، ونجله أبو الحسن علي بن أحمد الطحاوي، ثم تناول الكاتب مؤلفاته ووثّق تسعة عشر مؤلَّفًا منها العقيدة الطحاوية، وأحكام القرآن، والمختصر في الفقه، وكتاب التاريخ الكبير، وخطأ الكتب.
|