تناولت المقالة سيرة الشيخ عبدالعزيز البشري أحد علماء الأزهر الذين عنوا بالجرح والتعديل الذي انتقلت معالجته إلى تناول رجال السياسة والحكم في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن العشرين، وقد اتخذ هذا التناول قنوات نقد عديدة كالتوريات البديعة وأشكال النقد التي أتى بها البشري، وصور فيها أعلام مصر تصويرًا كاريكاتوريًا جميلاً صادقًا مخلصًا، لم يخل من الثناء على المحسنين، ولا يجد حرجًا في ذكر المسيئين في سياسة الدولة العامة، أو في تصريف شؤونها الداخلية، وقدّم البشري صوره بوحي من ضميره، وعقله وبيانه البليغ. ورأى الكاتب أَن البشري من أوائل رواد النهضة الحديثة الذين عدّوا كبار رجال السياسة تحت النقد لا فوقه، وأنهم مُلْك للأمة لأنهم يتصرفون بمصائرها ويرسمون مستقبلها، وآمن أن من واجب القادرين على النصح والمشورة والتقويم والتصحيح أن يفعلوا ما في وسعهم من أجل سعادة الأمة وحفظ حقوقها، ودفعها نحو سلوك الجادة المستقيمة؛ لتبقى مرفوعة الشأن ومتقدمة. وكانت كتابات البشري في هذا الشأن جزءًا مهمًا من التاريخ السياسي لمصر في الربع الأول من القرن العشرين، ولعله أراد بها في البداية تقديم الصور الأدبية، ولكنه انتهى إلى صنع مرايا للتاريخ السياسي والفكري، نقد فيها الزعماء والرؤساء والوزراء والباشوات والبكوات إضافة إلى المشايخ. وانتهى الكاتب إلى أن البشري قد تفوق في النقد باستخدام اللغة العربية الفصحى في كتاباته، وكان لتلك الكتابات قيمة رفيعة وتقدير من جانب القراء والأدباء والمؤرخين.
|