تناولت المقالة الدور المهم للبصرة في تجارة العراق الداخلية التي لا تقل أهمية عن تجارته الخارجية؛ لكونها نقطة الاتصال التجاري الرئيس مع العالم الخارجي، ولأنها حلقة ارتباط مع الأجزاء الداخلية للعراق والمناطق المجاورة؛ وزاد في أهمية موقع البصرة قربها من شط العرب وبخاصة في بداية القرن السادس عشر، حيث غدت من أبرز محطّات التجارة الشرقية على رأس الخليج العربي؛ ولكن مع وصول البرتغاليين إلى الهند ودخولهم الخليج العربي أوائل القرن السادس عشر، بدأت البصرة تتأخر؛ لأنه كان من سياسة البرتغاليين تحويل التجارة والمواصلات البحرية عن كل الموانئ الواقعة على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، بما في ذلك البصرة؛ ومما أثر في وضع تجارتها في ذلك القرن استقرار المدينة، ومواصلاتها النهرية التي تربطها مع مناطق العراق الأخرى، والطرق البرية، التي تصلها بأقاليم البلاد؛ ثم إن وصول البرتغاليين إلى الخليج قد تسبب في تقدم العثمانيين إلى الشام ومصر والحجاز، وقضائهم على الحكم الصفوي في العراق وتوسيع دائرة نفوذهم إلى البصرة والخليج؛ وكانت السياسة التجارية التي اتبعها العثمانيون في هذه الفترة تقوم على استعادة السيطرة على طرق التجارة التقليدية عبر البحر الأحمر، والخليج العربي، والاستفادة من الضرائب المفروضة على التجارة الشرقية عبر هذه المنافذ لزيادة موارد الخزينة العثمانية؛ واستطاع العثمانيون من خلال وجودهم في البصرة تأمين وصول البضائع الشرقية وضمان الموارد التي تُجنى منها، وإن اتباع العثمانيين لهذه السياسة قد جعلت المؤرخ الغربي (هيس) يعتقد أن الدافع الاقتصادي ولا سيما الضرائب كان وراء التوسع العثماني في المناطق المختلفة، وإن دراسة السياسة العثمانية في البصرة وبغداد وغيرهما لتظهر اهتمام العثمانيين بالموارد والضرائب وطرق جبايتها؛ وقد أشار الباحث إلى أحوال نفوذ العثمانيين في البصرة والمناطق التابعة لولايتها، وتناول أحوال التجارة الداخلية ودور البصرة فيها ومعوقاتها، ووسائلها، وانتهى إلى تواصل نشاط تجارة البصرة الداخلية والخارجية طوال القرن السادس عشر.
|