يتناول الكاتب ظاهرة الأسرة الشاعرة في الأدب العربي التي ينبغ فيها شاعر متميز ثم لا يقف جيل الشعر عنده وإنما يتوالى في نسله وذراريه، ويتوارث ذووه من أبناء وبنات وأخوة وأخوات موهبة الشعر، فتتواصل عبر الأحفاد وأبنائهم لعصر أو عصرين أو ثلاثة عصور أدبية، وهدف الكاتب إلى توضيح أبعاد هذه الظاهرة وأثر متغيرات الوراثة والاكتساب في وجودها، وقد رجع إلى كتب الشعر والأدب العربي وتاريخه ونقده، وقد لاحظ الكاتب تعدد الأسر الشاعرة في العصر الواحد، وأشار إلى ارتباط موضوع دراسته بدراسة شعر القبائل، ثم بيّن أنه على الرغم من أن كتب الشعر والشعراء، وتاريخ الأدب العربي تحفل بأسماء الكثيرين من الشعراء المشهورين والمغمورين ممن ينتمون إلى أسرة واحدة، إلا أن هذه الأسماء ترد في كثير من الأحيان مفككة لا ذكر لرابطة الأسرة التي تجمع عددًا من أصحابها، وينفرد الأدب العربي بوجود هذه الظاهرة، ومما ييسر تناولها عناية العرب بالأنساب، على نطاق الأسرة الصغيرة، وعلى نطاق القبيلة الكبيرة، ويقع الدارس لأدب العصر الجاهلي على مجموعات كثيرة من الشعراء الذين تربط بين بعضهم روابط الأسرة كقرابة الدم أو قرابة النسب، كالمجموعة التي فيها طرفة بن العبد، وأخته الخرنق، ويتساءل الكاتب عما إذا كانا قد ورثا موهبة الشعر عن خالهما المتلمس أم عن عمهما المرقش الأصغر وهو بدوره ابن أخ الشاعر المرقش الأكبر، وهذا الأخير عم الشاعر عمرو بن قميئة، ثم تناول الكاتب في توضيحه للظاهرة حالة المجموعة الهذلية التي على رأسها الشاعر الشهير أبو خراش الهذلي الذي أدرك الإسلام وحسن إسلامه، وشاركه في شاعريته أخواه أبو جندب الهذلي، والأبح بن مرة الهذلي، ويعدد فؤاد سزكين تسعة إخوة شعراء لأبي خراش، وتناول الكاتب أسرة الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، ثم أسرة آل أبي حفصة المعروفة في التاريخ الإسلامي وتاريخ الشعر العربي، وأسرة الشاعر النعمان بن بشير، وأسرة عمرو بن الحارث، وخلص الكاتب إلى أن النبوغ الشعري في الأسر الشاعرة مردة إلى تضافر عنصري الوراثة والاكتساب.
|