تناول الكاتب الدّرس الأسلوبي لنصوص الشعر العربي للكشف عن مباحثه وقضاياه والوصول بالتالي إلى فهم أفضل للنص، وقد رجع إلى الدراسات النقدية، واستهل بالإشارة إلى الجماليات الخاصة التي تكون للنص، والتي تكمن في سمو الفكرة التي يعالجها وانفساح آفاقها لتشمل رحاب الإنسانية في كل زمان ومكان، أو قد تكمن في براعة التخيّل التي تعصف بنفس المتلقي وتصور له عالمًا من السحر والجمال. والمؤثرات في الفن الشعري تتصل فيما بينها برباط وثيق، وتغزو في المتلقي الفكر والشعور والخيال، يضاف إلى ذلك ملكة الحس الجمالي التي للكلمة الجميلة والعبارة المنسجمة الموقعة تأثير كبير فيها يشبه تأثير السحر، وتجلّى تأثيرها بالبيان العالي كما للقرآن الكريم الذي قال فيه العربي: (والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته) ، وكما لبعض الشعر حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرًا، وان من الشعر لحكمة أو حكمًا)، فالتأثير الذي تحدثه بعض النصوص إنما يرجع في المقام الأول إلى طريقة في اختيار الأجراس والأصوات، وفي ترتيب الكلم، وتشكيل العبارات، وإيثار نوع مخصص من الاستخدام على نحو يلفت النظر ويشي بقصد وتوجيه وصلة بينة بحال النفس الشاعرة مما يكون له سلطان كبير على المتلقي،وهذا هو موضع الدرس الأسلوبي، ومادته التي تلمس مظاهرها في تضاعيف البُنى الإيقاعية واللفظية للنصوص، وهي تفضي إلى فهم داخلية الشاعر المُثارة. والدرس الأسلوبي الذي عالجه الكاتب منسجم ومذهب (ليوسبتزر) الذي رأى أن هناك علاقة متبادلة بين الخاصيات الأسلوبية لنص ما، والجو النفسي لمؤلفه، وركّز على تأثير الحال الوجدانية لمؤلف النص في نصّه، على المنشيء من خلال إنشائه. والخلاصة أن الدّرس الأسلوبي يتيح لنا مفتاحًا ييسر الدخول إلى النص ومعرفة ما فيه?.?
|