يتناول الكاتب عوامل تدنّي مستوى بلاغة العمل الأدبي وسموه، ويهدف إلى بيان أثر التروي والمراجعة والتنقيح في الارتفاع بمستوى بلاغته. وقد اعتمد في هذه الدراسة في النقد الأدبي إلى مراجع مختارة في البلاغة والنّقد الأدبي. واستهل بحديث عام عن إيقاع الحياة المعاصرة السريع، وما تخلفه السرعة من سلبيات على مستوى الأداء، وعن فضل الأناة والتروي. ثم قارن بين بناء العمل الأدبي والبناء المادي من حيث اعتماد كل منهما على عناصر تتم معالجتها بمراحل مواتية مناسبة، واستعرض عناصر العمل الأدبي الخمسة: الموضوع، والصانع، والصورة، والآلة، والغرض، وقال: إن العمل الأدبي يسمو باكتمال توافر هذه العناصر فيه، وأخذها نصيبها الوافي من العناية، وعرض لرأي ابن سنان الخفاجي في هذا الصدد، ثم عرض لآراء بشر بن المعتمر، وأبي هلال العسكري حول صناعة العمل الأدبي حتى يخلو من المعايب والمآخذ، ويقع من البلاغة موقعًا مقبولاً، وقد بيّن الكاتب وصية ابن المعتمر لمن يقبل على الكتابة التي فحواها أن يراعي المضي بها عند حضور المعاني في الذهن جلية واضحة معروفة، وانقياد الألفاظ له شريفة عذبة، وفخمة سهلة، وأن يتحيّن الكتابة ساعة انقداح الفكر وتفتح الذهن، وأن يتوجه إلى صنعة غير الكتابة؛ ليفرغ فيها جهده ويعطيها وقته إذا لم تسعفه القريحة ولم تواته السليقة. وأشار إلى أن الروية والتأني في نسج العمل الأدبي كان محور حديث أبي هلال العسكري عن صنعة الكلام وترتيب الألفاظ، وقد دعا الكاتب كذلك إلى الإقبال على الكتابة عند النشاط والراحة، وإلى مراجعة ما يكتب، و"تنوق كرائم اللفظ" لمعانيه، وتطرق لآراء أحمد حسن الزيات الذي رأى أن التسرع والصحافة والتطفل قد جنت على مستوى بلاغة الأدب، وفي الخاتمة أشار الكاتب إلى أهمية الأناة والصبر في الارتقاء بمستوى العمل الأدبي وإتقانه.
|