تناولت المقالة أصل بني مرين وديارهم، وقد ناقشت ذكر هؤلاء القوم في بيت شعر أنشده امرؤ القيس:
فلو في يوم معركة أًُصيبوا ولكن في ديار بني مرينا
وبنو مرينا الذين ذكرهم امرؤ القيس هم قوم من أهل الحيرة من العِباد، وقد أشار الكاتب إلى أن مرينا ليست كلمة عربية، وكذلك قال صاحب القاموس فيهم، والعِباد قوم من قبائل عربية شتى اجتمعوا على دين النصرانية بالحيرة، فسموا بذلك، وعلى هذا لا يبدو لبني مرينا صلة ببني مرين المغاربة. وبنو مرين آخر اسمهم نون، وبنو مرينا آخر اسمهم ألف؛ ثم إن كونهم متنصّرة من شتى القبائل يمنع أن يكونوا هم بني مرين المغاربة الذين لم يعرف عنهم قبلُ ولا بعدُ انتماء للنصرانية، وكونهم بعض العباديين يدل على أنهم أقلية ممن تتألف منهم جماعة العِباد. والمرينيون قبيلة كبيرة من قبائل زناتة؛ وقبيلة بني مرين المغربية تضرب مواطنها في جهات متباعدة من بلاد المغرب، وهؤلاء العرب كانوا قد نزحوا إلى المغرب من الصحراء قبل بناء المنصورة بنحو ثمانين عامًا، ونشبت بينهم وبين الموحدين ملوك المغرب والأندلس حروب طويلة قضوا فيها على الدولة الموحدية، وحلّوا مكانها في الاستيلاء على شؤون الدولة وتأسيس مملكتهم، والمغرب وقتئذٍ في قمة ازدهاره علمًا وحضارة وعمرانًا، وكان السلطان يوسف بن يعقوب المنصور سابع ملك منهم يسعى في توحيد المغرب الكبير كما كان عليه الأمر أيام الموحدين، فمن ثم قامت الحرب بينه وبين صاحب تلمسان، وكان الحصار الطويل الذي بنيت المنصورة في أثنائه. والمنصورة مدينة مفتخرة بمسجدها وقصرها ومخازنها وحدائقها وحماماتها ومبانيها. وقد ذكر الكاتب أن السلطان يوسف المريني زحف على تلمسان، وتحصّن صاحبها وقومه بالجدران، ولما رأى السلطان يوسف ذلك أدار سورًا عظيمًا جعله سياجًا على تلمسان وما اتصل بها من العمران، وصيّرها في وسطه، ثم أردف ذلك السور من ورائه بحضير بعيد المهوى، وفتح فيه مداخل لحربها، ورتب على أبواب تلك المداخل مسالح تحرسه وتمنع دخول تلمسان، واستمر حصارها مئة شهر، أمر خلالها الناس بالبناء وتشييد المنازل، وأقيمت القصور والمساجد والبساتين وآبار المياه بحيث أصبحت "المنصورة" مدينة عظيمة.
|