يتناول الكاتب الحسبة، ويرمي إلى توضيح نشأتها، ودور المحتسب، وسلطته. وقد رجع إلى مراجع الأحكام السلطانية، والحسبة، والاقتصاد الإسلامي، والكحالة. واستهل بالحديث عن أهمية الحسبة، فأشار إلى أنها كانت في أساسها وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف إذا ظهر تركه، والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله، وقد قصر تناوله على أحكام الحسبة فيما يتصل بالمعاملات التجارية المتصلة بالغش والتدليس والمماطلة في دين من الديون، ومنع المنكرات في الأسواق، ومراقبة الأسعار والتجارات والمعاملات، والإشراف على تنظيم الأسواق لما فيه المصلحة العامة للمسلمين. ولهذا عُدَّت الحسبة خدمة اجتماعية واقتصادية تعمل على تحقيق حسن المعاملات بين أفراد المجتمع في نطاق التعاليم الدينية والشرعية. وينظر إلى الحسبة بوصفها وظيفة إدارية وقضائية في آن واحد، فالمحتسب مكلف بالفصل في بعض القضايا التي لا ينظرها القاضي. وقد ناقش نشأة الحسبة، وأشار إلى أن أصولها قد ترسخت منذ القرن الثالث الهجري، حيث حفلت المدن الإسلامية بالمراكز التجارية والصناعية والأسواق، وقد قامت الحسبة في بلاد المغرب العربي والأندلس على الأسس نفسها في المشرق، وكان أحد القضاة يتولى وظيفة المحتسب في الأندلس. وتناول الكاتب الشروط التي ينبغي توافرها في المحتسب، وأعمال المحتسب، وواجباته التي شملت الإشراف على الآداب العامة، والنواحي الدينية، والأسعار، والأسواق، والباعة والمعاملات، وكشف الغش والتدليس ومعاقبة مرتكبيه، وصحة المكاييل والأوزان، وتنظيم حركة الأسواق التجارية إجمالاً، ونظافتها، وضمان توفير ظروف الأمان والسلامة لمحلات العطارين والبزازين. وقد دخل في نطاق صلاحية المحتسب الإشراف على صناعة المأكولات، وأعمال الخبازين والصيادلة والنحاسين والعطارين والبزازين والصباغين والخياطين والأساكفة والصنّاع والنحاسين والحدادين والبياطرة والعضادين والحجامين والكحالين والمجبرين والأطباء، ومراقبة الآداب العامة، وأداء العبادات. وكان المحتسب يستعين بالأعوان والعرفاء في تنفيذ مهامه.
|