دراسة تاريخية تناول كاتبها تأسيس الدولة الإسلامية وقاعدتها في المدينة المنورة، وهدف إلى توضيح الأسس العقدية والأخلاقية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي بنيت عليها الدولة الإسلامية في أول عهدها، وقد رجع إلى القرآن الكريم، والمصادر المنتقاة في السيرة النبوية والعسكرية الإسلامية. واستهلّ بدراسة الأسس الإستراتيجية التي قامت عليها دولة الإسلام في المدينة المنورة، مبتدئًا بأساس بناء الإنسان والمجتمع، فأورد أن الإسلام حرص على بناء شخصية متكاملة للمسلم ليكون إنسانًا صحيح الجسم والعقل والنفس والخلق ومقاتلاً شجاعًا للدفاع عن دينه وشرفه ووطنه، ورسم الطريق لبناء المجتمع الإنساني الفاضل الذي يتوافر فيه المناخ الصالح للتنشئة السليمة والتربية القويمة والأخوة الإسلامية الوثيقة والتكافل، وقد وضع للمسلمين قاعدة اجتماعية وتحذيرًا عامًا لهم من التشبه بغيرهم والذوبان فيهم، وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبراز الشخصية المستقلة للمسلمين وتخليصهم من آثار الجاهلية أو اليهودية؛ وأما الأساس الثاني فتناول فيه الباحث البناء السياسي وتأصيل قاعدة الشورى التي كوّنت دعامة البناء السياسي لمجتمع المدينة المنورة، ومقومات الشورى أمانة الرأي ومراعاة الخير والمصلحة واستشارة أهل الرأي لقوله صلى عليه وسلم: »شاور أهل الرأي«، ثم تناول الأساس الثالث وهو الإستراتيجية العسكرية الإسلامية التي انبثقت مبادئها ونظرياتها وتعاليمها من القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قامت على الأركان الآتية: عقيدة الجهاد في سبيل الله، ونظرية الردع من خلال إعداد القوة العسكرية، وتوافر أسباب التأهب والحذر والمرابطة، والتطوير العسكري، ثم تحدث الباحث عن أساس البناء الاقتصادي وارتباط اقتصاد الأمة الإسلامية بالقوة التي أمر الله بإعدادها لتردع الأعداء وترهبهم، كما تحدث عن الأساس الخامس المتصل بقوة الجبهة الداخلية وتلاحمها وسلامتها؛ وخلص إلى أن لدى العرب والمسلمين القدرة على قيادة النهضة الحضارية الشاملة ما استمسكوا بدينهم ووحدوا صفوفهم وساروا على هدي عقيدتهم في البحث والتطوير.
|