الإنسان مدني بطبعه، مضطر إلى سكنى المدن وإنشاء المجتمعات التي يتم فيها التعاون، واستغلال ما أعدّ الله له في هذه الحياة من مقوِّمات، واللغة هي وسيلة الاتصال الرئيسة ما بين بني الإنسان، وقد كانت في أول الأمر مكونة من الإشارات، ثم تطورت إلى نظام من الأصوات، حيث أن اللغة أصلاً أصوات وليست كلمات، والكلمة صوت يرمز إلى معنى، وكتابة الكلمة رسم يرمز إلى هذا الصوت؛ واللغة في اصطلاح أهل اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، ويشمل هذا التعريف معناها الخاص، أما من حيث معناها العام فهي مجموعة الوسائل المعبر بها عن المعاني والدالة على نفس تلك المعاني لدى الآخرين سواء كانت تلك الوسائل فطرية أم اصطلاحية، واللغة أهم مظهر من مظاهر سلوك الإنسان، وقد نظر فيها المفكرون من شتى جوانبها وعلاقاتها، والأرجح أنها بدأت مذ تكونت أول جماعة إنسانية على وجه الأرض، ولا ريب في أنه كانت لتلك الجماعة الإنسانية مشكلاتها ومظاهر حياتها الخاصة المتصلة بعلاقات أفرادها مع بعض، وعلاقة الإنسان فيها مع المحيط والطبيعة من حوله، وقد توسل الإنسان في مراحل حياته الأولى للتعبير ونقل الأفكار باستخدام الأصوات التي تطورت فيما بعد لتأليف ألفاظ، وطوّر مهارة الإنصات للرسائل الصوتية وتحليلها واستيعابها والاستجابة لها، وغدت اللغة نظامًا ثقافيًا، وتتميز بتركيب خاص بها، له قابلية التجريد بوصف اللغة صورة من الصور، ولهذا التركيب أهمية من الوجهة التاريخية إذا ما تجرّد في صورة، واللغة بوجه عام الوسيلة التي تتقمصها الثقافة فتبقى وعن طريقها تنتقل، وهي علم لأن لها قواعد ونماذج متفق عليها، وصلاتها متعددة بالتاريخ الفكري، والنفساني، والصناعي، والجغرافي للأمة أو الأمم المتكلمة بها، ويشمل مفهوم التاريخ الماضي المسترسل في الحاضر، ويفيد ما ورد في تراثنا العربي أن اللغة أداة التفكير الإنساني، ونقل الأفكار والمشاعر من إنسان إلى آخر، وقد عرض الكاتب آراء اللغويين الغربيين حول الوظائف الاجتماعية للغة، ثم عرض الكاتب لمحاولات وضع اللغات العالمية كالاسبرانتو، وعرض لأسس تقسيم اللغات وتصنيفاتها، وخلص إلى أن اللغة ظاهرة حية متطورة باستمرار ووسيلة تخدم المجتمع .
|