تناول الكاتب سياسة الإنجليز نحو الإسلام إبان استعمارهم للسودان، لتوضيح مظاهرها وأهدافها ومراحلها. وقد رجع إلى الوثائق، والأطروحات، والدراسات عن تاريخ وتطور التعليم في السودان. وبدأ بالتعريف بجغرافية السودان، ومساحته التي تبلغ نحو مليون ميل مربع، وبموقعه وأهميته الإستراتيجية والاقتصادية؛ وتناول الاستعمار البريطاني للسودان الذي امتد بين سنتي 1889و 1956م، حيث استخدم الإنجليز عدة وسائل لتثبيت سيطرتهم على البلاد خاصة القوة العسكرية والوسائل الاقتصادية وكذلك الوسائل الأيديولوجية، فعملوا على القضاء على الثورة المهدية. وقد أدرك الإنجليز ما للدين من أثر في نفوس أهل السودان، فتظاهروا بالاهتمام بالإسلام ومؤسساته الدينية، في الوقت نفسه الذي عملوا فيه على السيطرة على تلك المؤسسات وتفريغها من محتواها الاجتماعي والسياسي، ونفذوا سياستهم ضد الإسلام ومؤسساته على مرحلتين، أما في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى التي بدأت باحتلال الإنجليز للسودان فقد قام كتشنر أول حاكم للسودان بجمع الزعماء الدينيين والتجار وزعماء القبائل في السودان وأخبرهم بأهداف الإنجليز من دخولهم السودان، وأنشؤوا مجلس العلماء لتقديم المشورة في الشؤون الدينية، وتصدوا لأي محاولة يمكن أن تقوم ضدهم، وفي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى بالغ الإنجليز في مصانعة الزعماء الدينيين وأجزلت لهم العطايا وسهل لأبنائهم دخول المدارس الحكومية والابتعاث إلى بريطانيا، وعملوا على خلق جو من الصراع والخلاف بين الزعماء. وناقش مجالات تنفيذ إستراتيجية الاستعمار البريطاني ضد الإسلام في السودان التي شملت إدخال التعليم العلماني وإضعاف التعليم الديني، وإقامة المحاكم التي تعتمد على القانون الوضعي، وإرساء المقاولات على الشركات الأجنبية لا الوطنية؛ وانتهى الكاتب إلى أن سلطات الاستعمار البريطاني قد سعت إلى كسر شوكة الإسلام والوحدة الوطنية لدعم وجودها وسيطرتها.
|