تناولت المقالة موقف الإمام أحمد بن تيمية من المتصوفة، ومنهجه في مجادلتهم والرد عليهم وتفنيد آرائهم، وقد رُجع إلى الدراسات التي تناولت سيرة ابن تيمية وفكره ومؤلفاته. وقد مُهِّد للمقالة بتوضيح البيئة السياسية العقلية والاجتماعية التي عاش فيها، وقد كان له موقفه الواضح المناهض لمنحى المتصوفة، وقد تسلّح بعلوم عصره وتزود بشتى أنواع المعارف بما في ذلك العقائد والفلسفة وعلم الكلام ومذاهب المتصوفة والتفسير والحديث والفقه واللغة وعلومها وآدابها والسير والتاريخ والفلك والرياضة في الرد على المتصوفة، ودليل ذلك متوافر في مؤلفات ابن تيمية ورسائله وفتاويه.وكان ابن تيمية يعرف أن المتصوفة فيهم البر والفاجر، وفيهم التقي والمذنب. ومن حيث الاستدلال والاستقراء فقد استخدمها ابن تيمية في مناقشته لآراء المتصوفة والـرد عليهم استخداما يكشف عن ذكائه، وفطنته، لكن استخدامه لهما في منهجه لا يتجاوز مجال الكتاب والسنة، وعنده أن كل ما يدل عليه الكتب والسنة موافق لصريح المعقول، وأن العقل الصريح لايخالف النقل الصحيح، وليس في المعقول ما يخالف المنقول، وقد ذكر ابن تيمية في مواضع متعددة في كتاباته أنه تبين له بعد استقصاء واستقراء وتفكير طويل اتفاق ما جاء به النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم مع ما وصل إليه العقل بصحيح النظر، وهو يقول في ذلك: إن المنقول الصحيح لايعارضه معقول صريح قط، ووجد أن ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها، ويرى أنه من عرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم ومراده به كان عارفا بالأدلة الشرعية وليس في المعقول ما يخالف المنقول. والخلاصة أن ابن تيمية لم يقم منهجه في الرد على المتصوفة وفي الوصول إلى الحق على التأويل الذي أمعن فيه المتصوفة، وارتأى أنه لا تعارض بين طريق النقل الصحيح وطريق العقل الصريح.
|