تتبع الكاتب الهجرة اليهودية الصهيونية إلى فلسطين منذ أواخر القرن التاسع عشر وجهاد شعب فلسطين ضدها، مستهدفًا توضيح جوانب تلك الهجرة وأخطارها والمقاومة الفلسطينية لها، وقد رجع إلى الوثائق والمقالات والكتب المتصلة بموضوع مقالته؛ وقد استهلها ببيان مكانة فلسطين وأهميتها الجغرافية والاستراتيجية والدينية، وتناول تاريخها، وأوضح أنه منذ الفتح الإسلامي لفلسطين سنة 637م أصبحت فلسطين جزءًا لا يتجزأ من الدولة العربية الإسلامية، إذ استقرّ العرب المسلمون فيها على نحو متواصل، أما ما كان فيها من اليهود فقد غادروها وتفرقوا في الأرض منذ القرن الأول الميلادي عندما طردهم الرومان منها، ولم يبق منهم بعدها إلا نفر قليل ذابوا في المجتمع العربي، وقد حمل الفتح العربي الإسلامي اليهود إلى أفريقيا الشمالية وإلى الأندلس وعوملوا هناك معاملة حسنة، على حين كانت أوربا تضطهدهم باسم الدين وتذيقهم الهوان في القرون الوسطى، وتمتعت طائفة اليهود التي كانت في فلسطين أيام الحكم العثماني بقسط كاف من الحرية الدينية التي لم ينالوها في أي بلد أوربي، وكان اليهود في القرن التاسع عشر اثنين بالمائة من سكان فلسطين، ولم يشجع الأتراك هجرة اليهود إلى فلسطين ولم يعرقلوها، وفي سنة 1875م بدأت موجات الهجرة اليهودية تتدفق إلى فلسطين فازداد عدد اليهود في فلسطين إلى خمسة وثلاثين ألف يهودي في نهاية القرن التاسع عشر وزاد عدد مستعمراتهم إلى تسع عشرة مستعمرة، واشتدّ النضال الفلسطيني ضد الهجرة والاستيطان اليهودي مع بداية سنة 1880م، وتكرر طلب الفلسطينيين إلى السلطنة العثمانية بوقف انتقال ملكية الأراضي للصهاينة، وصدرت الفتاوى بتحريم بيع الأرض لليهود، ومع توسع الهجرة اليهودية الصهيونية سنة 1882م وحدثت الاصطدامات المسلحة بين العرب والمستوطنين اليهود، وصدر قرار سنة 1892م تمنع بموجبه السلطات العثمانية بيع الأراضي لليهود فتدخلت بريطانيا واستطاعت التقليل من فاعلية ذلك المنع الذي تشبثت به الحكومة العثمانية حتى خلع السلطان عبدالحميد سنة 1906م. وقد استعرض الكاتب تطورات الجهاد الفلسطيني ضد الهجرة اليهودية الصهيونية، وخلص إلى أن الظروف العربية والدولية كانت أقوى من طاقات الفلسطينيين وقد لقي اليهود الدعم السياسي والمادي والعسكري من بريطانيا والغرب؛ مما مكنهم من زيادة دفقهم إلى أرض فلسطين، وسيطرتهم عليها
|