مما لاشك فيه أن هناك حقبًا تاريخية لا تزال بحاجة إلى دراسة وبحث وفي جوانب عدة، حيث يظهر للباحث والدارس قلة المعلومات الواردة في بعض جوانب الحياة آنذاك، لكننا نطالع في الــوقت نفسه خــروج بعض البحوث والدراسات التي تثري شيئًا من تلك الحقب، وفي هذا الصدد فإن هذا البحث يتناول قضاة المورقة بمنطقة بني سعد المعروفة في جنوب الطائف، ومحاولة التعريف بهؤلاء القضاة المغمورين تاريخيًا. وقد قُسِّمت هذه الدراسة إلى ثلاثة أقسام، يتناول الأول منها: التعريف بمنطقة بني سعد مقر عمل هؤلاء القضاة، أما القسم الثاني: فيعرّف بقضاة المورقة، حيث يتناول نسبهم ومذهبهم الذي يحكمون به ومن كان يعينهم في القضاء، ثم جدولاً يبين سنوات توليهم القضاء تقريبًا، وتحدث الثالث عن قضاة المورقة ومهامهم في القضاء، ثم كانت الخاتمة مجالاً لاستعراض أبرز النتائج التي توصل إليها الباحث من خلال هذه الدراسة. وتكمن أهمية هذا البحث في أنه يسلط الضوء على قضاة المورقة الذين كان لهم دور بارز في القضاء في منطقة جنوب الطائف، حيث كانوا يتولون القضاء بأمر أشراف مكة المكرمة، فيناقش البحث بهذا موضوعًا جديدًا لعدم وجود دراسة علمية سابقة فيه أو إشارة إليه، كمــا أن هذه الدراسة تعتمد على نصوص الوثائق التاريخية القديمة(1) التي يحتفظ بها أبناء المنطقة، والتي يشار إليها هنا لأول مرة، والتي - بفضل الله تعالى - لم يسبق الباحث إلى الإشــارة إليها أحد من قبل. ويتضح كذلك أن بروز دور المورقة في القضاء كان خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، ولا يزال بعض الناس يطلق على وثائق وحجج قضاة المورقة بـ: (حجة مورقيّة)، أي أنها معتمدة وموثوقة؛ لأن قاضيها قاضٍ من قبل الدولة آنذاك، كما يتضح من بعض الوثائق الأخرى ظهور قضاة آخرين من أسر أخرى(2).
|