ثالثًا: النفقات الخيرية على التعليم جاءت عناية الدولة السعودية بالتعليم ترجمة لدعوة الإسلام إلى البشرية جمعاء، الرامية إلى جعل التعليم وسيلة بناء الأرض وإعمارها، فكان الاجتماع التعليمي الأول في العهد السعودي، الذي تبناه الملك عبدالعزيز في جمادى الأولى من عام 1343هـ/ 1922م، ودعا إليه العلماء في مكة المكرمة منطلقًا أساسيًا لنشر العلم والتعليم(175). 1 - مديرية المعارف: شهد عام 1344هـ/ 1923م إنشاء أول جهاز للتعليم في الدولة، وهو مديرية المعارف العامة، بحيث يكون غرضها "نشر العلوم والصنايع، وافتتاح المكاتب والمدارس، وحماية المعاهد العلمية، مع فرط الدقة والاعتناء بأصول الدين في جميع أنحاء المملكة الحجازية"(176). وحينما باشرت المديرية أعمالها في المحرم 1345هـ/ 1924م، كان يتبعها اثنتا عشرة مدرسة أميرية وأهلية، بعضها كان قائمًا من قبل؛ أي: في عهد الشريف الحسين بن علي. فقد أعيد فتح المدارس العثمانية التي كانت قائمة من قبل، والتي أغلقها الشريف الحسين بن علي بعد ثورته الكبرى ضد الدولة العثمانية عام 1334هـ/ 1916م(177). وارتفع عدد الطلاب التابعين للمديرية من أول إنشائها إلى ستمائة طالب، كما أن الدولة رصدت للمديرية ميزانية خاصة بلغت ستة الآف وستمائة وخمس وستين جنيهًا إسترلينيًا، وهو ما يعادل ست وستين ألفا وستمائة وخمسين ريالاً سعوديًا(178). وفي ظل الظروف الاقتصادية التي عاشتها المملكة في بداية التأسيس والتوحيد، ومع ازدياد أعداد الطلاب والمدارس، ساهم بعض محبي الخير والمحسنين في دعم مديرية المعارف ماليًا لدعم مسيرة التعليم، فقد تبرع الحاج محمد إبراهيم جيون بخش من أعيان الهند للمديرية بخمسين جنيه ذهب(179)، وتبرعت صاحبة السمو بيكم نظام حيدر آباد بـثمانمائة روبية هند(180)، وتبرعت الشركة العربية للسيارات بمبلغ مائتي ريـال عربي(181). 2 - المدرسة الفخرية في مكة: ثاني أقدم مدرسة تنشأ في مكة المكرمة عام 1298هـ/ 1881م افتتحها الشيخ عبدالحق قاري، كانت تعتمد في تمويلها على المساعدات الخيرية، وقد ركزت مواد الدراسة فيها على القرآن الكريم والتجويد والقراءات، والحساب والإملاء(182)، وقد زارها الملك عبدالعزيز في سنة 1344هـ/ 1926م، فتبرع لها بخمسين جنيهًا ذهبًا وست ذبائح وأربعة أكياس من الرز(183)، قد عانت بعض الأزمات المالية في بعض سنواتها، ومنها عام 1356هـ/ 1938م و1358هـ/ 1939م(184).
|