دراسة لشعر أحمد قنديل ــ رحمه الله ــ ومزيته، وغاية الكاتب كشف أوجه الجمال والإبداع ونواحي التجربة العاطفية التي تعكسها، والتي يرى بأنها تجربة شمولية تبدأ بالخاص وتنتهي بالعام، وتفتتح بالغناء للمحبوبة المحدّدة، وتُختتم بالغناء للمحبوبة الأكثر شمولية، ويتجاذبها الصراع بين الوله والكبرياء، وبين الرغبة في الحياة، والإحساس بالموت، وينتصر فيها دائمًا الحب والوله والعشق والهيام بروابطه القوية، وحباله السرية التي تنقل أغذية الحب من أنهار الحياة، وتصل دائمًا بين العاشقين. لقد ظهر أحمد قنديل في شعره بروحه المفعمة بالأمل والألم، والتزم بالشكل العروضي الخليلي الثابت، كما بدا أنه قد تأثر في بعض شعره بالشعر المهجري في الشكل، وبالموشحات في الموضوعات الغنائية، ويكشف تحليل شعره عن تعبيره عن الحياة كقطرات تذوب في بحر الدهر، وفي شعره رغبة عارمة في الحياة والبحث عن لحظات المعاناة التي يشعر من خلالها بذاته وبقوته، وفي بعض هذا الشعر يطارده شبح الكهولة والإحساس بالضعف، ويبحث عن روافد لنهر حياته الذي أوشك على الجفاف، لتلاشي قوة الشباب وعنفوانه، والنهر الحقيقي الذي كان يمدّ الشاعر بالحيوية وقوة النبض والإحساس بالشباب هو الحب، بكل ما فيه من لوعة واحتراق وألم ودموع وتوهج وانصهار، ويظهر الشاعر دائمًا تشبثه بشيئين في منتهى الأهمية للانتصار على الجدْب والكهولة والألم والهجر والضعف والخوف هما: الشعر، والحب، فالشعر هو السلاح الذي يحس من خلال التسلح به أنه قوي وأنه ما زال يستلهم الكون والوجود والأشياء بأعظم ما فيها من أنغام، والحب في شعره هو الدليل العملي على صحوة القلب وحياة الشعور، والحب عند أحمد قنديل هبة عظيمة للإنسان، ويرى أن كل كائن حي محب، وغرام قنديل بالحياة جعله حين يلتقط خيط التجربة الشعرية ينطلق منسابًا كنهر قد لا يأبه بدقة الصياغة، ولا يتحسس النغمات العروضية التي تفلت أحيانًا.
|