موقف القبائل البدوية من قافلة الحج في القرن التاسع عشر: شهدت الفترة الواقعة ما بين القرن السادس عشر وأواسط القرن الثامن عشر صراعاً مريراً بين القبائل البدوية (الشامية والحجازية) والدولة العثمانية، تمثل ذلك الصراع في حالات كثيرة حول حماية قافلة الحج الشامي من اعتداءات هذه القبائل، حيث تكررت تلك الاعتداءات على القافلة مرات عدة؛ بسبب الخلاف ما بين أمراء القافلة وزعماء القبائل فيما يتعلق بالأموال "الصّرة"(1) التي كانت تدفع للبدو من السلطات العثمانية، وحرمان البدو من نقل المؤن وتقديم الحماية وبعض الخدمات للحجاج في المنطقة الواقعة ما بين دمشق والأماكن المقدسة(2). ولكن الأمور تغيرت ما بين الدولة العثمانية والقبائل البدوية في الحقب اللاحقة، فابتداءً من القرن التاسع عشر خفّت اعتداءات القبائل على القافلة؛ إذ زاد اهتمام الدولة العثمانية بالقافلة؛ فقلت هجمات البدو على الحجاج، نتيجة لسياسة الدولة التي قامت على كسب ودّ القبائل والاستفادة منهم في نقل الحجاج، وبناءً على ذلك توطدت العلاقة بين الطرفين، بعد أن كانت علاقة عدائية في أغلب الأوقات؛ فمن خلال ما أورده الرحالة الأجنبي لورنس أوليفانت(Laurence Olyphant) عن قبيلة بني صخر(3)، وتبنيها مسألة تقديم الجمال إلى والي دمشق لنقل الحجاج مقابل أجرة معينة(4)، يتضح لنا أن الدولة بدأت تهادن القبائل البدوية التي لها تماس مع طريق الحج كبني صخر مثلاً.
|