تابع الكاتب في هذه المقالة دراسته لأوضاع القضاء والقضاة في نجد، وهدف هنا إلى توضيح أحوال الدرعية التي ختم فيها الشيخ محمد بن عبدالوهاب بقية حياته، مع التطرق إلى تاريخها وأمرائها، وقد استهل بالحديث عن اسم الدرعية الذي كان في منتصف القرن التاسع الهجري وما قبله يطلق على قرية صغيرة تقع في نواحي القطيف جنوب بلدة بقيق، وكان يسكنها فرع من عشيرة الدروع من بني حنيفة، ورئيس هذا الفرع هو مانع بن ربيعة بن مريد جد آل سعود الأعلى، وكان بنو حنيفة يقطنون اليمامة، وكان أحد ولاتها علي بن درع يمتلك حجر اليمامة (الرياض حاليًا)، والجزعة القريبة من الرياض، وامتدت أملاكه لتشمل الغبراء التي أطلق عليها فيما بعد اسم الدرعية، وما جاورها من القرى الزراعية، وكان بين مانع المريدي جد آل سعود وصاحب درعية القطيف، وبين علي بن درع رئيس حجر اليمامة وأمير الدروع من بني حنيفة مكاتبة واتصال لما بين دروع اليمامة ودروع القطيف من علاقات النسب والقربى، وزار علي بن درع مانعًا ورأى من رقة أحواله وشحها ما جعله يدعوه للارتحال والقدوم عليه والاستيطان عنده، فقبل مانع الدعوة ولباها وترك أولاده ورجاله منطقة القطيف سنة 850 هـ، فأقطعه مرتفعًا في نواحي ملكه للاستيطان فيه يشتمل على قريتي العضيبة والمليبد، وهكذا هجرت درعية القطيف وجددت وبعثت في المكان الذي استقر فيه مانع وأولاده وأطلقوا عليه اسم الدرعية التي اتسعت واشتهرت فيما بعد، ثم تناول الكاتب نسب البيت السعودي، وانحداره من صلب ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وتتبع أصوله إلى أن وصل إلى محمد بن سعود بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي، الذي استقل بإمارة الدرعية وعضيبة، وتولى شؤونها بعد أن قتل زيد بن مرخان سنة 1139هـ في حادثة العيينة، وهو جد آل سعود ومؤسس دولتهم، وهو الذي تلقى دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وناصرها، وكان للدرعية القوة والمركز الأول في نجد.
|