تتناول المقالة العرب ويهدف الكاتب إلى التعريف بأصولهم وهجراتهم، وقد استهلّ بالحديث عن العرب الذين يمثلون أمة قديمة هي على الأرجح أرومة الجنس السامي الذي تفرع منه الكلدانيون، والآشوريون، والكنعانيون، والعبرانيون، وسائر الأمم السامية التي سكنت ما بين النهرين وفلسطين وما يحيط بفلسطين من بادية وحاضرة، وقد تتصل بها الأمة الحبشية بصلة النسب القديم مع اختلاط بين الساميين والحاميين، فإذا كان لهذه الأمم جميعًا أصل واحد، فأرجح الأقوال وأدناها إلى التصور أن يرجع هذا الأصل إلى الجزيرة العربية لأسباب منها: أن التحول من معيشة الرعاة إلى معيشة الحرث والزرع والإقامة في المدن طور من أطوار التاريخ، وأن الجزيرة العربية أشبه المواقع بالمحافظة على الأصل القديم، وقد هاجر عدد من سكانها إلى الأودية والبلاد القريبة، واتجاه الهجرة من ناحية البحرين وناحية الحجاز متواتر في الأزمنة التاريخية القريبة والبعيدة، وأقربها ما حدث في عهد الفتوحات الإسلامية في زحف العرب على العراق، وزحفهم على الشام في عهد أبي بكر الصديق، وليس هناك ما يمنع أن يكون التاريخ الحديث دليلاً على التاريخ القديم، ولقد ثبت على التحقيق أن الساميين هاجروا من مواطنهم إلى ما بين النهرين حيث قامت العواصم التي أخذت أسماء سامية مثل بابل أو باب إيل قديمًا، وخلص الكاتب من دراسة ما كتبه المستشرقون وغيرهم إلى أن سلالة العرب الناشئين في جزيرتهم الأولى قد سكنت بقاع أواسط العالم المعمور منذ خمسة آلاف سنة على أقل تقدير، وذهب إلى أن كل ما استفاده الأوروبيون من هذه البقاع في العصور الحديثة هو تراث عربي غني يشتمل على كل أصل عريق في شؤون العقل، والروح، والعمارة، والحضارة، وأضاف إلى أن البدوي ابن هذه الجزيرة بإسلامه وبلغته قد انتشر فاتحًا ناشرًا الإسلام، وانتشر بهجرة عربية عربت شمال أفريقيا كله، ورسخت العروبة في مصر. إن هذا البدوي هو العربي في أعرافه حضارة، وفي فكره علم، وفي قلبه عقيدة، والجزيرة هي مهد هذا العربي وكانت في العصر المطير القديم أرضًا ممرعة خضراء وانعكس ذلك على لغة سكانها، فالبداوة ليست ظاهرة بدائية، لأن البدو عندهم حضارة، ويمثلون جزءًا من الأمة العربية ذات الحضارة العريقة، وهم مصدر اللغة والشعر، وانتهى إلى الحث على العناية بهم توطينًا ومساندة وتعليمًا.
|