يتابع الكاتب دراسته لحركة تحقيق التراث ونشره في المملكة العربية السعودية، وهدف في هذه المقالة إلى استكمال معالجته لكتب التاريخ مستهلاً بكتاب: العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، ويقع في ثمانية أجزاء صدر أولها سنة 1379هـ، وتوالى على النظر فيه ثلاثة محققين، تقدمهم محمد حامد الفقي الذي توفي وهو يعمل في تحقيق الجزء الأول، فأكمله ابنه محمد الطيب، وحقق فؤاد السيد الجزء الثاني وما بعده، وأخرج الجزء الثاني سنة 1381هـ/ 1962م، وقد خلا الكتاب من الفهارس الدقيقة، أما بالنسبة إلى تاريخ المدينة المنورة، فتم نشر كتب كثيرة حوله، أو أعيد نشرها بطبعات تجارية يعوزها التحقيق العلمي الحديث، ومن أبرزها كتب السمهودي مؤرخ المدينة التي تكررت طباعتها، وقد طبع كتاب وفاء الوفاء في مطبعة السعادة سنة 1379هـ/ 1955م، وعهد إلى محمد محيى الدين عبدالحميد بتحقيقه، وأشار الكاتب إلى اعتماده على طبعات قديمة في تحقيقه الذي لم يتجاوز فيه "ضبط غرائبه، وتفصيل عباراته بوضع علامات الترقيم المحدثة، ووضع عناوين موجزة على هامش النسخة، وعدّها حمد الجاسر كثيرة الأخطاء، وأشار لما وقع من اضطراب وخلل فيها وخاصة فيما نقله السمهودي من كلام الهجري عن الأحماء، ثم تطرق الكاتب لجهود أسعد طرابزوني في نشر العديد من تواريخ المدينة المنورة لأحمد ابن عبدالحميد العباسي، ولشمس الدين السخاوي، ولجمال الدين محمد بن أحمد المطري، وأبدى ملحوظات قيمة على أسلوب تصحيحها وتحقيقها وأخطائها، وأثنى على تحقيق محمد عبدالجواد الأصمعي لكتاب تحقيق النصرة بتخليص معالم دار الهجرة، من حيث أنه استوفى جميع شكليات التحقيق العلمي، وميّز هذه الطبعة اشتمالها على ملحق عن التوسعة السعودية للمسجد النبوي الشريف بقلم الناشر، ثم تطرق الكاتب لست رسائل نشرها حمد الجاسر في تاريخ المدينة، كما تناول ما نشر في تاريخ شرق الجزيرة العربية ووسطها وعدّ أهم مصدرين فيه: روضة الأفكار... لحسين بن غنام، وعنوان المجد في تاريخ نجد لعثمان بن بشر، وقد نقد الطبعات الصادرة منهما وبين حاجتها للتحقيق العلمي والشروح والتعليقات المفيدة، ثم أشار إلى ما نشره حمد الجاسر لإبراهيم بن صالح بن عيسى، وحمد بن لعبون الوائلي، وإلى تحقيق عبدالعزيز الخويطر لتاريخ الشيخ أحمد المنقور، وخرج بملاحظة إجمالية حول الحاجة إلى تحقيق منهجي أفضل للكثير مما أشير إليه من كتب التاريخ.
|