ركّز الكاتب على إبراز مسألة تطبيق الملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ــ للشريعة الإسلامية في الحجاز تطبيقًا يصون قدسية الحرمين الشريفين، ومواجهته للامتيازات التي كانت تتمتع بها الدول الأوروبية في مختلف أرجاء الإمبراطورية العثمانية منذ القرن السادس عشر، والتي لم تفلح جهود العثمانيين أو ورثتهم من الهاشميين في إلغائها؛ وعلى الرغم مما للحجاز من وضع ومكانة خاصة في العالم الإسلامي، إلا أن الامتيازات التي منحتها الدولة العثمانية للأوروبيين قد طالتها، وطبقت فيها بدرجات متفاوتة؛ وقد أوضح الكاتب قوة النفوذ البريطاني في منطقة الخليج العربي والجزيرة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وكانت تسيطر على مناطق يسكنها أكبر عدد من الرعايا المسلمين؛ وقد أدرك الملك عبدالعزيز أهمية دور بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط، فسعى إلى إعادة صياغة العلاقات معها صياغة تتناسب ومركزه المرموق بصفته سلطانًا على نجد وملحقاتها وملكًا على الحجاز؛ وقد وضح الملك عبدالعزيز لجلبرت كلايتون السفير البريطاني فوق العادة في مفاوضات بحرة في خريف سنة 1925م مرئياته بشأن حدود نجد الشمالية، وأبدى رغبته في مراجعة العلاقات البريطانية السعودية، وحاولت بريطانيا الحصول على موافقة الملك عبدالعزيز على الامتيازات البريطانية التي حصلت عليها من الدولة العثمانية، وتقديمه ضمانات لسلامة الحجاج البريطانيين، ومنح بريطانيا حق ممارسة تحرير العبيد في الأراضي السعودية وغير ذلك من أمور فيها انتقاص للسيادة السعودية على أراضيها، لكن الملك عبدالعزيز وقف أمام هذه المطالب، وقررت بريطانيا سنة 1926م عدم إثارة مسألة الامتيازات مع الملك عبدالعزيز الذي أكّد أنه لا قانون في البلاد المقدسة إلا للشريعة، وأمكن التوصل في المفاوضات البريطانية السعودية إلى صيغة اتفاق وسط بأن يخضع الأفراد المتمتعون بالجنسية البريطانية في الحجاز لأحكام القانون الدولي.
|