تناولت الدراسة الأساطير الجاهلية لبيان تكونها وأهميتها وأنواعها، وقد رجع فيها إلى كتب التاريخ والأدب والحضارة الإسلامية. وقد استُهلّت بتوضيح منافذ احتكاك العرب قديمًا بالأقوام الآخرين التي شملت الهجرة، والاتصالات السياسية، والاتصالات التجارية، والاتصالات الدينية والثقافية، مما تمخض عنه دخول الأساطير البابلية والآشورية والكلدانية والفارسية والرومية إلى الجزيرة العربية. وقد بُحثت مكانة الأساطير العربية بين الأساطير العالمية التي تكاد تنحصر في الأساطير المصرية واليونانية والهندية والبابلية والآشورية، ونوقش تشتت الأساطير التي وضعها العرب أو نقلوها عن غيرهم في بطون كتب الأدب، والتاريخ، والسير والمغازي، وإن مجيء الإسلام الحنيف بعقيدة التوحيد المنزهة تنزيهًا كاملاً عن الشرك قد خلّص العقل والضمير من آثار هذه الأساطير. وقد قُسمّت أساطير عرب الجاهلية إلى : الأساطير الفلكية، والأساطير الحيوانية، والأساطير الغيبية، والأساطير الإنسانية. أما الأساطير الفلكية فكانت متعلقة بالكواكب والنجوم التي كان لها تأثير مهم في حياة العرب. واتصلت الأساطير الحيوانية بالحيوانات التي كانت موجودة في الجزيرة العربية أو الخرافية كالغول والسعلاة، واتصلت الأساطير الغيبية بالجن والمردة والشياطين، وزعم العرب في الجاهلية أن للجن قدرة على الاطلاع على الغيب. ومن الأساطير الغيبية ما حيك حول ما أصاب بعض الأقوام من أحداث جسام وكوارث أدت إلى تدميرها وتشتت أهلها، وعماد هذا النوع من الأساطير تأويل الأحداث الجارية وتأويل الأحلام. والأساطير الإنسانية أبطالها بشر وهي ذات أصول فارسية أو هندية أو عربية كأسطورة الزباء. وبعدُ فإن لهذه الأساطير مضامين إنسانية واجتماعية لا تقل أهمية عما في الأساطير العالمية.
|