تابع الكاتب تناوله لتحقيق التراث ونشره بعد توحيد الجزيرة العربية، متطرِّقًا لأهم الأعمال المنشورة وتقويمها، وقد رجع إلى الكتب المدروسة، واستهل بالنظر في كتب الجغرافية، فأوضح أن مطبوعات التراث الجغرافي قليلة نسبيًا بمقارنتها بكتب التاريخ، غير أن المؤلفات الحديثة في جغرافية الجزيرة العربية وأماكنها وأعلامها عديدة، ويبدو أن الاهتمام بجغرافية الجزيرة وأماكنها ومواضعها ومرابع الشعراء فيها قد ظهر جليًا بعد قيام الدولة السعودية، فلقد كانت البيئة الثقافية في بداية عهد الملك عبدالعزيز تعين على أن يلتفت الباحثون إلى معالجة كثير من الموضوعات، وأخذت الأبحاث التاريخية والجغرافية تنشر في الأعداد المبكرة من صحيفة أم القرى بأقلام رشدي ملحس، وعبدالقدوس الأنصاري، وحمد الجاسر، وكان رشدي ملحس من الأوائل الذين أثاروا الاهتمام بكثير من الموضوعات الجغرافية والتاريخية، وقد نشر فصولاً من كتابه معجم منازل الوحي في مجلة المنهل، ووضع كتابًا في منازل المعلقات حقق فيه نحو مئة وخمسين منزلاً مما ذكر في المعلقات العشر، إلى جانب كتابه معجم البلدان العربية في الحجاز ونجد وملحقاته المنشور سنة 1349هـ، وقد أشار حمد الجاسر إلى أن رشدي ملحس هو أول من لفت نظره إلى أهمية كتاب بلاد العرب للأصبهاني، وقد حقق رشدي ملحس الكتاب لكنه لم يتهيأ له نشره، كما أشار محمد بن بليهد في كتابه صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار إلى أنه من بين الأسباب التي دعته إلى التأليف وجودُ قومٍ أشرب ا$ قلوبهم حب العرب والعربية ما فتئوا يثيرون اهتمامه بجغرافية بلاد العرب ومواقعها ومنهم رشدي ملحس، ثم صدرت أعمال أخرى لأدباء ورحّالة منهم خير الدين الزركلي الذي وصف رحلته إلى الجزيرة العربية في كتابه ما رأيت وما سمعت...، وأمين الريحاني صاحب كتاب ملوك العرب والأمير شكيب أرسلان في كتابه الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف، ومحمد حسين هيكل الذي سجل رحلته إلى مكة في كتابه في منزل الوحي، وحافظ وهبه في كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين، وعبدالوهاب عزام في كتابه قلب جزيرة العرب، وتناول الكاتب إسهامات حمد الجاسر وعبدالله بن خميس في مجال التأليف والتحقيق في جغرافية جزيرة العرب.
|