يتناول الكاتب انعكاس الشعور بالأقلية في الروايات التاريخية التي كتبها اللبنانيون المسيحيون، ويهدف إلى تحديد مظاهر الشعور بالأقلية وآثاره في الرواية التاريخية للبنانيين المسيحيين المنشورة في لبنان ذاته، أو في المهاجر سواء "من ناحية الموضوع واختيار الفترة التاريخية، أو معالجة التاريخ، حين مضوا يبحثون في الماضي عن مرآة تعكس مشاكلهم في تاريخ ما قبل الإسلام، أو التاريخ الإسلامي، أو التاريخ الحديث". وهذه الدراسة النقدية مبنية على تحليل نماذج من الرواية التاريخية المبحوثة، مع الاستعانة بالمصادر الأدبية والتاريخية ذات العلاقة. وقد مهّد الكاتب بالحديث عن ظهور الرواية التاريخية في أوروبا ومقارنته بظهورها في العالم العربي في القرن التاسع عشر في إطار سعي نصارى لبنان للبحث عن فكرة جديدة تجمع المسلمين والمسيحيين على أرض الوطن، وإحلال رابطة الوطنية محل رابطة العقيدة بينهم، فروّجوا لعبارات مثل "حب الوطن من الإيمان"، و"دين العربة"، ولهذا فإن المتمصرين من مسيحيي سوريا ولبنان لم يكونوا متحمسين لمبادرة جمال الدين الأفغاني لأنهم لا يحبذون وحدة مبنية على الدين، ومرتبطة بالخلافة العثمانية. وشملت تحليلات الكاتب روايات تاريخية مختلفة، بما فيها روايات سليم البستاني التي اتخذت سوريا الكبرى مسرحًا لأحداثها، وأراد فيها كاتبها أن يثبت وحدة الشعب والوطن وإن اختلف الزمان وتبدّل الحال، وكذلك روايات جرجي زيدان التي تعكس مسيحيته سواء في اختيار الموضوعات أو الأحداث أو الشخصيات، ورواية فرح أنطون: أورشليم الجديدة التي تدعو إلى مجتمع متحضر يكفل حرية الأديان والمساواة بين المواطنين، وقد شملت تحليلات الكاتب روايات يعقوب صروف، ولبيبة هاشم، ونقولا الحداد. وتتبع تجسد مظهر الحنين إلى الوطن الأم في روايات جرجي زيدان، وخليل سعادة، وزينب فواز. وخلص إلى أن الرواية التاريخية التي كتبها المسيحيون في المراحل الأولى لم تكن تعكس شعورًا واضحًا بالقومية العربية، وأنهم قد صوروا في الدرجة الأولى فزعهم من التعصب الديني بحكم أقليتهم في دولة إسلامية، كما صوروا في الدرجة الثانية حنينهم وارتباطهم بوطنهم الأم، وعكسوا أيضًا الصراع بين الشرق والغرب.
|