تصدت هذه الدراسة لتحليل الأمثال الشعبية في نجد، معتمدة على بعض النماذج المأخوذة من تراث ثري من الأمثال، عمل في جمعه عبدالكريم الجهيمان في كتابه «الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب»، ومحمد بن ناصر العبودي في كتابه «الأمثال العامية في نجد» وقامت الدراسة على الأمثال في كتاب العبودي، ولم تكتف الباحثة بما أورده العبودي من الأمثال التي بلغت ثلاثة آلاف مثل، بل عرضت نصوصها مشافهة على أهل المذنب من القصيم، لتكون مصادرها مدونة مروية.
وقدمت بين يدي الدراسة بالحديث عن الأمثال الشعبية وكثرتها في تراثنا العربي ودراسات الأمثال ومجال دراستها. ثم عرفت المثل كأحد محاور التعبير الأولى الذي يمارسها الإنسان في حياته اليومية، ويظر إليه صفوت كمال على أنه تعبير عن رؤية فكرية وموقف معين من الحياة. وأشارت إلى وظيفة المثل التي لا تتوقف عند رسم معالم الحياة الاجتماعية ورصد أنماط السلوك الإنساني وتقويمه، بل تقدم - أيضا - النموذج الواجب اتباعه، كما أنها تقدم التفسير للكثير من المواقف الغامضة. والمثل مهم - أيضا - في جانبه اللغوي بشقيه الإبداعي والنظمي، وقد اهتم ابن سلام بالجانب التصويري في المثل مع إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه؛ وتأملت وظيفة المثل اللغوية عند ابن عبدربه حيث رأى فيه «وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلي المعاني» ورأي فيه الزمخشري «قصارى فصاحة العرب العرباء، وجوامع كلمها، ونوادر حكمها، وبيضة منطقها، وزبدة حوارها وبلاغتها التي أعربت بها عن القرائح السليمة...»
وخلصت الباحثة إلى القول بأن «المثل الشعبي هو تعبير لغوي يروي تجربة إنسانية حسية أو معنوية، تعكس خبرة اجتماعية أو نفسية أو تاريخية أو فكرية».
وتناولت أداء المثل من حيث أنبثاقه من الحالة الإنفعالية للمتكلم، إذْ إن المثل يساق لفظا وأداء، والأداء متميز بالتنغيم وطريقة النبر، وكثيرا ما يتعزز بالفعل والحركة. كما تناولت المضمون من حيث كون القيد الدلالي له غير ثابب، كما أن من الأمثال ما يحتمل أكثر من دلالة.
وتناولت الصياغة من حيث أن المثل يتصف بالإيجاز وتكثيف المعنى وتعدد التراكيب وغزارة صيغته وعلاقته بالبيئة، ثم تناولت صيغة الجملة البسيطة، والجملة الكبرى، والجملة الشرطية، والجملة الجزائية الطلبية، والتركيب المفرد والمتعدد.
وانتهت إلى مناقشة المثل الشعبي في الدرس الحديث، وإبراز الحاجة إلى إعادة تصنيف الأمثال لتتميز من عبارات التواصل الاجتماعي، ودراسة الأمثال دراسة لغوية تعالج المفردات والأعلام ورد العامي إلى القصيم.
|